امتلاك الرؤية أهم من امتلاك النفط: الرد المغربي على الفكر المتطرف!!

مرة أخرى، يثبت العاهل المغربي تحديدا، والنظام في المغرب بشكل عام تمايزه عن محيطه الإقليمي والعربي، وذلك من خلال الفعل السياسي المبادر وليس ترحيل المشاكل وإدارة الأزمات والتهرب من مواجهة الواقع. مرة أخرى، يكرس المغرب منهجه في استباق الأحداث بل وصناعتها، بدلا من شراء الزمن والسلم الأهلي بالهبات المالية داخليا وخارجيا، تهربا من دفع استحقاقات هي لا بدّ آتية.
مناسبة هذا الحديث ما أعلن عنه من تشكيل “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة” بمبادرة وإشراف فعلي ملكيين، وهي المبادرة التي من شأنها أن تسهم في مزيد من التمتين لعلاقات المغرب بمحيطه الإفريقي الضاربة في عمق التاريخ. فخلافا لما جرت عليه عادة الأنظمة السياسية العربية من الاكتفاء بالتغني بأمجاد الماضي، دون الالتفات لحقائق الحاضر وتبعاتها، انتقل المغرب، بواسطة الملك محمد السادس أساسا، من تقوية علاقاته السياسية والاقتصادية بدول غرب إفريقيا، محيطه الحيوي، إلى استثمار علاقاته الروحية بهذه الدول، للمساهمة في تحصينها ضد تيارات التطرف والتشدد غير القائم على أساس ديني متين.
ويأتي الإعلان عن إنشاء مؤسسة العلماء الأفارقة، أياما بعد الزيارة الملكية لعدد من دول الغرب الإفريقي، والتي شهدت التوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون السياسي وكذا المشاريع الاقتصادية التي من شأنها دفع عجلة التنمية في هذه البلدان. زيارة أثبتت أن امتلاك الرؤية كفيل بتعويض النقص في الموارد المالية الضخمة التي يمكن أن يجلبها النفط والغاز. وهكذا، وإضافة للوشائج الروحية المتينة بين المغرب وشعوب إفريقيا جنوب الصحراء، لاسيما غرب القارة، والتي تبني على التراث الصوفي المشترك، أصبح اليوم لدى المغرب وباقي أشقائه الأفارقة مؤسسة علمية ستسهم في الحفاظ على الوحدة الروحية للمنطقة، وتتصدى لأباطيل التنظيمات الإرهابية التي تنسب أفعالها للإسلام زورا وبهتانا، ويكتوي بنارها معظم أقطار شمال وغرب إفريقيا، لتضاف إلى “معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات” الذي سيشكل الذراع العملي لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة حديثة التكوين.
وبعيدا عن روابط التاريخ والجغرافيا، يبدو المغرب دون غيره مؤهلا اليوم للعب دور الرائد والمنسق لجهود إيصال الرسالة السمحة للإسلام، كدين رفق ووسطية واعتدال، لا لحفاظه على تماسكه الروحي طيلة قرون وجود الإسلام فيه فحسب، بل لقدرته على تنزيل المفاهيم الأساسية لإسلام الرحمة في مختلف البرامج والسياسات، وهو ما تم التنصيص عليه في ديباجة إنشاء المؤسسة الجديدة، التي ستحرص على “تفعيل قيم الدين الإسلامي في كل إصلاح تتوقف عليه عملية التنمية في إفريقيا”، وهو ما تفتقده شعوب ومواطني عالمنا الإسلامي قاطبة. فقيم الإسلام المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجتمعاتنا هي المعطّلة عمليا، مقابل سيادة خطاب الإصلاح الأخلاقي والقيمي المنفصل عن واقعه وزمنه.
هذا الفهم الناضج لضرورات المرحلة، هو ما يميز المغرب حقيقة عن باقي دول العالم الإسلامي، ويجعله مؤهلا لا لقيادة عملية الإصلاح الديني في غرب إفريقيا فقط، وإنما في عموم العالم الإسلامي. فمجتمعاتنا بحاجة لمن يصلح لهم دنياهم بالأساس، ويعينهم على القيام بمهمة عمارة الأرض بالعمل الصالح، لا لمن يخرجهم من هذه الدنيا وهو يظن أنه يدخلهم الجنة قسرا، ويحرمهم بالتالي بسبب عجزه وقصور فهمه لرسالة الإسلام الخالدة من الانخراط في العصر.
كلمة أخيرة نقولها للصحف الجزائرية التي خرجت علينا بخرافة كون المغرب “يشتري” سلمه وأمنه الاجتماعيين “برشوة داعش”: من ينشئ “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة” للتصدي للأفكار المتطرفة لداعش ومثيلاتها، بما يتجاوز حدوده الوطنية، هو عمليا شخص اختار الاشتباك مع داعش دون أن يخافها، بدل اختيار شراء ثمن سكوتها عن مهاجمته. إن ما يجعل المغرب بمأمن من ضربات “داعش” وإرهابها هو بناء استقراره السياسي وأمنه الاجتماعي على عملية معقدة متكاملة العناصر، يشترك فيها الإصلاح السياسي بالتربية الروحية والتنمية الاجتماعية والتنوع الاقتصادي واليقظة الأمنية، وهي العناصر التي تحرم “داعش” ومثيلاتها من أية بيئة حاضنة، وهي نفسها العناصر التي يعلم القاصي والداني أنها غائبة تماما عن تفكير وسلوك أصحاب القرار في النظام الجزائري المنكشف أمام جميع التهديدات.

اقرأ أيضا

استعدادا للعرس الأفريقي.. جهة الرباط ترفع جاهزيتها الصحية

يواصل المغرب استعداداته المكثفة على جل الأصعدة قُبيل انطلاق كأس إفريقيا 2025. الاستعدادات الطبية والوقائية من أهم العناصر لضمان نجاح هذا العرس الكروي الأفريقي، والذي من المرتقب أن يستقطب جماهير غفيرة من مختلف الدول.

رئيس دبلوماسية بوركينا فاسو يعرب عن إعجابه بالقيادة والالتزام القوي للملك لصالح السلام في إفريقيا

أشاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإقليمي والبوركنابيين في الخارج، كاراموكو جان ماري تراوري، اليوم الأربعاء في واغادوغو، بالمبادرات الملكية وأعرب عن إعجابه بقيادة الملك محمد السادس والتزامه القوي لصالح السلام والاستقرار والتنمية في إفريقيا.

بعد فشل مشروعاته الكبرى.. تبون يتمسك بفيلم “الأمير عبد القادر” من أجل إنقاذ شعبيته!

بدا لافتا وغريبا في آن واحد، الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام الدعائية للنظام الجزائري، التي تحدثت عن اجتماع موسع حضره بوعلام بوعلام مدير ديوان رئاسة الجمهورية، كمال سيدي السعيد مستشار لدى رئيس الجمهورية مكلف بالمديرية العامة للاتصال، مليكة بن دودة وزيرة الثقافة والفنون، فيصل مطاوي مكلف بمهمة برئاسة الجمهورية بقطاع السينما، عبد القادر جمعة مستشار لدى وزيرة الثقافة والفنون، سليم عقار مدير مؤسسة الأمير عبد القادر، وأنور حاج إسماعيل منتج ومخرج!! مناسبة الاجتماع كانت أغرب من حجم حضوره، حيث خصص لإطلاع الرئيس على مستجدات مشروع فيلم "الأمير عبد القادر"، الذي يبدو أن أوجه شبه كثيرة تجمعه مع مشروع غار جبيلات وغيره من مشاريع الرئيس الكبرى، لاسيما استحالة تنفيذه!!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *