انْفَطَرَتْ أَغْصانُ شجرة إبداعات مجموعة إمديازن التي امتدت جذورها من تراب سكساوة بإمنتانوت إلى قلب العاصمة الاسماعيلية مكناس، فتدلّت ثمار فنّها الجميل بعبق التاريخ الأمازيغي الأصيل، ثم قطفها الحضور الكريم بنهم كبير؛ دلّ على كرم ضيافة المكناسيين وحبهم الشديد للموسيقى الأمازيغية، كما كشف عن حسن التدبير الذي أبانت عنه جمعية الريف للتضامن والتنمية باقتدار..
مناسبةٌ غالية على نفوس كل أمازيغية وأمازيغي بأرض المغرب العزيز على القلب، هي تلك التي احتفى بها المكناسيون بمبادرة جادّة من أعضاء جمعية الريف للتضامن والتنمية، الأمر يتعلق هنا بحفل رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2964، حفلٌ بهي كانت قاعة دار الثقافة الفقيه المنوني مسرحا لأحداثه يوم الأحد 12 يناير 2014، على خشبته مزنتْ وجوه الجماهير وأشرقتْ شموس الإبداع الموسيقي بألون قوس قزح، فتشكلت فسيسفاء من الموسيقى الأمازيغي الرائقة والشائقة؛ من منطقة سوس برقصة أحوش الساحرة التي زينت المكان، ومن إمنتانوت تفتقت شقائق نعمان “مجموعة إمديازن” التي شنفت الآذان بأجمل الألحان، ومن قبل الأطلس بزغ نجم “مغني” فانتزع تصفيقات مدوية من الجمهور الكريم، ومن الريف سنم قمر “محمد نوميديا” فوزع الأنوار هنا وهناك وسَجَعَ حمام “أكراف” الصداح، بأغان مليحة أطربت من كان محظوظا وسمحت له فرصة الدخول إلى القاعة..
الحفل لم يكن حفلا عاديا تستحوذ عليه الفقرات الموسيقية وحدها، بل تخللته فقرات موازية أبرزها تكريم الفنانة المبدعة ذات الصوت القوي والشجي المنبعث من بين ثنايا جبال الأطلس الصغير، وهي المتألقة على الدوام “الشريفة”، وبهذه الالتفاتة الرقيقة فردت جمعية الريف أوراق نواياها الصادقة، ووضعت خدمة الثقافة الأمازيغية في المقدمة.
مجموعة إمديازن_إمنتانوت كانت مسك الختام وهي فعلا كأريج المسك الفواح؛ هكذا وصفت الفنانة السينمائية “لطفة أحرار” هذه المجموعة الرائدة في مجالها وهي تقدم الوصلة على خشبة المسرح. ولا غرو أنّ مجموعة إمديازن _إمنتانوت، كما ألفها الجمهور في ربوع الممكلة، استطاعت أن تلهب الحماس وتطرب الآذان بعزف الفنان الراقي جمال الحنصالي وأداءه المتميز، وأشعار محمد الحنصالي التي تذيب الصخر وتنفلت من قبضة الميوعة لتصل إلى الوجدان بسلاسة منقطعة النظير، وتوزيع موسيقيّ بارع لعبد الرحيم الحنصالي صاحب الأنامل الذهبية.
وقد أعرب السيد “أحمد الحمداوي” عضو جمعية الريف للتنمية والتضامن الذي رافق أعضاء المجموعة من ألف الحفل إلى ياءه عن سعادته بالتعرف عن قرب على إمديازن_إمنتانوت من جهة، وانبهاره بالقطعة الفنية التي شاركت بها من جهة ثانية، إذْ ما انفكت الصياحات تتعالى من كل جانب في القاعة، ولم تهدأ الأنفاس صاعدة هابطة، ولم تسكن التصفيقات التي امتزجت برقصات الحاضرين في صورة فنية لا يمكن وصفها إلا بالرائعة.