أجمعت شهادات عدد من الكتاب والنقاد على وصف ادريس الخوري ب “الكاتب الاستثنائي” الذي خط لنفسه منحى خاصا في الحياة والسرد.
ففي أمسية احتفاء بعطاءات هذا الكاتب الرائد في المتن القصصي المغربي، نظمتها صحيفة “المنعطف”، أمس الخميس بالرباط، تجلت من خلال كلمات أصدقاء عرفوه عن كثب، فرادة مسار أدبي متح مادته من مفارقات الواقع ونبض الهامش وثقافة بصرية مدهشة، وعبر عنها بمتخيل خصب وجرأة قلم لا يهادن.
ورأى الناقد عبد الرحيم العلام، رئيس اتحاد كتاب المغرب، في ادريس الخوري تجربة كتابية تصنع “عالما فسيحا برحابة أحلامنا جميعا”، مطبوعة بسخرية وصفية مبدعة نابعة من تجربة معيشية غنية وعمق في رصد الأوضاع الاجتماعية والأحوال البشرية.
واستعاد العلام مسارا حافلا بالتجارب والتراكم الإبداعي لكاتب بدأ شاعرا في ستينيات القرن الماضي، لكنه سرعان ما طلق الشعر كممارسة وان احتفظ به كروح خلاقة تسم ممارسته القصصية، بصورها المتدفقة وعوالمها الحالمة.
تحدث الناقد عن علاقة الخوري بالليل والعين والجمال والسفر والمكان والهامش والذاكرة والسينما والأنس والمسرح والجرأة والتواضع، كل منها عالم يرتاده ادريس الخوري بشغف وذكاء ليصوغ منه صورا وحكايات ونصوصا تنهل من الواقع، لتتجاوزه.
خلال ذات اللقاء الذي نشطه الاعلامي عبد العزيز بنعبو، وصف الشاعر حسن نجمي الكاتب المحتفى به بأنه “أحد أبرز الأصوات الإبداعية في تاريخ السرد المغربي”، لا يذكر إلا مع صديقيه الراحلين محمد زفزاف ومحمد شكري.
يرى نجمي أن الخوري أسس عالما جديدا للسرد المغربي خارج محاكاة النموذج المشرقي، بحيث “كتب نصا يشبهنا، يشبه المغرب بعمقه التاريخي ونبض مجتمعه وتجربته الحضارية الخاصة”، وهو أيضا “نص عنيد يشبه صاحبه”.
ابن درب غلف بالدار البيضاء، هو أيضا كاتب المقالة المتميز، صحافي التعليق الشرس واللاذع، والذي كثيرا ما حول مادة مقالته الى نص قصصي في تحاور خلاق بين الأجناس. هو القارئ الكبير، يضيف نجمي، الذي يحاور في نصوصه بذكاء وتلميح هامس، عوالم هيمينغواي وتشيكوف وغيرهما.
وفضل مصطفى النحال أن يقدم شهادة عن قرب في حق الخوري، كما يعرفه، الانسان، المشتبك مع الحياة في “إيقاع يومي لا يجاريه فيه أحد، يعيش علاقاته بالصراحة التي تزعج من ألفوا العيش بالأقنعة”.
يعيشها كما يرغب، بقدرة على الانفراد بنفسه ولو كان مع الآخرين، هو الذي حول النميمة الى جنس أدبي، حسب النحال، الذي استعار ما قاله محمد الأشعري عن الخوري “هو حارس الصداقات التي لا تنسى، والأمكنة التي لا تضيع”.
وكان رئيس تحرير “المنعطف” ومدير نشرها، عمر الحسني، قد أطر هذه المبادرة الاحتفالية ضمن سعي الصحيفة الى تكريم رموز الإبداع والعطاء الفني والأدبي والفكري في المغرب، بوصفهم رافعة توطيد قيم الحداثة بالبلاد، وحصانة ضد الظلامية والجهل.