رغم إيقاع الحياة السريع..الألمان ينحازون إلى الكتاب كرفيق لهم بصفة دائمة

رغم إيقاع الحياة السريع نوعا ما في ألمانيا، فإن ما يثير الانتباه اهتمام الألمان بالقراءة، وانحيازهم الى الكتاب كخير رفيق لهم في كل زمان ومكان، دون تفويت أي لحظة ممكنة من أجل تصفح ما تجود به دور النشر والمطابع، سواء في طريقهم إلى العمل أو في نزهة أو في مقهى لاحتساء فنجان قهوة.

وأسس اهتمام الألمان بالكتاب لقاعدة قراءة وازنة وتقاليد ارتقت بهذا الرفيق إلى مستوى الحاجة الضرورية، تنهل منه جميع فئات المجتمع حسب اختياراتها وميولها، بدل الاقتصار على وضعه على الرفوف للزينة والتفاخر.

ولإدراك قيمة الكتاب لدى الألمان، يكفي معرفة أن دور النشر في البلاد تتجاوز 2240 دارا وتطبع نحو 80 ألف كتاب جديد سنويا و10 آلاف طبعة جديدة لكتب صادرة.

ولا تخرج برلين العاصمة عن هذا النسق، إذ تعد القراءة فيها مشهدا أكثر من مألوف وسلوكا يوميا لا ينحصر فقط في النخبة بل يعم الكل، نساء ورجالا وشبابا وأطفالا، تجدهم يقرؤون ما بين أيديهم بشغف، أثناء التنقل عبر ميترو الأنفاق أو الحافلة أو القطار، وأحيانا تصادف أحد الأبوين يقرأ لصغيره الذي ينصت باهتمام ويستمتع بحكاية تفتح آفاق وعيه.

وأكدت نتائج دراسة ألمانية نشرت حديثا حول القراءة أن الألمان، الذين يفوق عددهم 81 مليون نسمة، فعلا شعب يحب القراءة، خاصة النساء اللواتي تقدمن على الرجال في هذا الشغف الجميل، ذلك أن 67 في المئة منهن اقتنين كتابا واحدا على الأقل في السنة الماضية، مقابل 53 في المئة من الرجال.

وأوردت الدراسة التي أنجزها معهد استطلاعات الرأي (ألنسباخ) أن قطاع تسويق الكتاب استفاد من شغف الألمان بالقراءة، محققا السنة الماضية حجم مبيعات بلغت قيمتها 4,6 مليار أورو، أي بزيادة واحد في المئة مقارنة بسنة 2012.

ومما يزيد من تشبع الألمان بطقوس القراءة انتشار المكتبات في كل الأحياء وعرضها لملايين الاختيارات وبعدة لغات، وفي كل مكتبة يمكن للباحث عن عنوان ما أن يأخذ مكانا في إحدى المقاعد المريحة التي تؤثث فضاءها لتصفح الكتاب على مهل قبل اقتنائه، وله أن يمكث في المكتبة ما شاء من الوقت.

كما تقوم المدرسة بدور هام في تكريس ثقافة القراءة، لأنها توفر كل الظروف المواتية لجعل القراءة عادة ملازمة للصغار ومن ثم في حياتهم مستقبل.

ويحظى الكتاب الإلكتروني بدوره باهتمام متزايد لدى القراء الألمان، فقد كشفت نتائج نفس الدراسة أن هذا القطاع سجل زيادة ملحوظة دون أن يرقى بالمقابل لمستوى منافس حقيقي للكتاب الورقي، إذ لم تتجاوز نسبة تسويقه 4 في المئة، في حين تتطلع دور النشر الألمانية لرفع مبيعات هذا الصنف من الكتب ب 12 في المئة عند متم سنة 2014.

إقبال الألمان على الكتاب يأتي بشكل طوعي وسلس في ظل مناخ عام يكرس عادة القراءة التي تقول الشاعرة والكاتبة الانجليزية إليزابيث باريث برواننغ بشأنها “الكتاب هو المعلم الذي يعلم بلا عصا ولا كلمات ولا غضب، بلا خبز ولا ماء، إن دنوت منه لا تجده نائما وإن قصدته لا يختبئ منك”.

 

 

اقرأ أيضا

إسدال الستار على الدورة الثانية لمهرجان مراكش للكتاب الإفريقي

أسدل الستار مساء أمس الأحد، على فعاليات الدورة الثانية لمهرجان مراكش للكتاب الإفريقي، وذلك بتنظيم جلسة أدبية مغربية تناولت أهم المواضيع المجتمعية التي تشغل اهتمام الكاتبات والكتاب المغاربة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *