موجات حارة غير مسبوقة وحرائق لمساحات كبيرة من الغابات ودرجات حرارة عالمية قياسية، كل تلك الظواهر وأكثر التفت حول العالم بفضل الصيف هذا العام، وربما سيكون الشتاء أكثر ذهولًا فمن المفترض أن في ذلك الفصل في القارة القطبية الجنوبية تتسع مساحة الجليد البحري المتجمد حول القارة بسرعة معهودة، ولكن تفاجأ العلماء بعميلة تجميد أبطأ من كل عام، وما ترتب عليه أن الآن هناك منطقة من المحيط المفتوح في القارة المتجمدة أكبر من «جرينلاند»، حتى أن العلماء قدروا مساحته بأن إذا كان الجليد البحري «المفقود» كان بلدًا فسيكون عاشر أكبر بلد في العالم.
في مواجهة المخاوف المناخية الأكثر غرابة، ينصب اهتمام الكثير من الخبراء على «أنتاركتيكا» والتغيرات التي تحدث بها، فيعتبر الجليد البحري العائم عنصرًا أساسيًا في لغز المناخ، ومن دونه ستكون درجات الحرارة العالمية أكثر دفئًا، وذلك لأن الجليد الأبيض يعمل كمرآة تعكس طاقة الشمس وتردها إلى الفضاء، وهو ما يحافظ على برودة القارة القطبية الجنوبية، وبالتالي الحفاظ على معدلات برودة الكوكب بشكل عام، كما أن الجليد البحري القطبي الجنوبي يلعب أيضًا دورًا مهمًا في التحكم في تيارات المحيطات وقد يعمل كحاجز يحمي الأرصفة الجليدية العائمة والأنهار الجليدية من الانهيار والإسهام في ارتفاع مستويات البحار العالمية، وبالتالي فقدان الجليد البحري القطبي الجنوبي يهم الكوكب بأكمله، وذلك كما ذكرت دراسة على موقع «Study finds».
كل عام يشهد الجليد البحري القطبي الجنوبي تحولات مناخية من أدنى مستوى له في فصل الصيف في شهر فبراير، فتزداد مساحته أكثر من ستة أضعاف خلال تجمده في فصل الشتاء والذي يصل ذروته في سبتمبر، وطريقة واضحة لمراقبة صحة الجليد البحري القطبي الجنوبي هي تتبع هذه الذروات والانخفاضات، وفي السنوات السبع الماضية تغير الجليد البحري القطبي الجنوبي بشكل كبير.
ولكن منذ فبراير 2023 تباطؤ نمو الجليد البحري أدى إلى تأخره أكثر فأكثر عن الموقع الذي يجب أن يكون عليه في هذا الوقت من العام، فانخفضت كمية الجليد البحري بشكل كبير في نهاية عام 2016 لتصل إلى أدنى مستوى قياسي في فبراير 2017، وتلا ذلك سنوات منخفضة متتالية، حيث تم تحطيم سجل الصيف في نصف الكرة الجنوبي مرة أخرى في فبراير 2022.
وفي الأوقات الأخيرة تم تسجيل أدنى مساحة بلغت 1.79 مليون كيلومتر مربع في عام 2023، وهو انخفاض يقارب 10% من سجل الصيف في العام الماضي، وهو ما يعني تباطؤ النمو وانخفاض الجليد البحري أكثر فأكثر، وهو حدث قياسي ومدهش لأنه يتجاوز النطاق الذي اعتدنا عليه، بمعايير القارة القطبية الجنوبية هذا يتجاوز حدود الطبيعة العادية وهو ما يجعله حدث نادر من نوعه.