الرجل المريض

كان الغربيون يسمون الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر الرجل المريض، واليوم يمكن القول بأن الجزائر هي الرجل المريض في هذا القرن، حيث أتلفت الرشوة، أولا وقبل كل شيء، البلاد وأنهكتها ودمرتها.
أما العائق الثاني فهو اللامبلاة التي ضربت أطنابها فينا، أي في كل جزائري الذي أصبح ماديا واستهلاكيا، متعصبا للمادة بعجرفة فريدة من نوعها وبوقاحة فاحشة.
أما العائق الثالث فهو قلة الأدب وانتشار العنف بطريقة رهيبة. وهذا العنف هو وليد انقراض الأخلاق الحميدة التي كانت تنظم العائلة الجزائرية، والتي عوضتها أشياء كثيرة وخبيثة منها عدم المواطنة والجهل الذي أصبح اليوم فضيلة أساسية معترفا بها، لأن الكثير من الشباب يرون في العلم والسياسة والفن والأدب ترهات هزيلة ومضحكة، لا تهمه البتة.
ولهذا، أصبح الحديث أو مجرد الكلام عن الثورة التحريرية مزاحا لا أهمية له، مثلا.
فالجزائر، إذا، أصبحت من خلال كل هذه السلبيات المتراكمة رجلا مريضا وعجوزا أرهقتها تناقضاتها العميقة التي تجذرت في عمق كينونتها مثلما يتأصّل المرض العضال في جسم الإنسان، إذ بات المجتمع يسير دون قيد ولا شرط، دون قواعد ولا نظام، فيتيه في متاهات العدم والسخرية المرضية.
ونحن في هذا الحال وعلى هذه الحالة، ندخل في فترة انتخابات رئاسية ستقرر مصير الوطن ومصير الناس لمدة خمس سنوات، فنلاحظ نوعا من التكالب بالنسبة للترشيحات والجري وراء الحملة الانتخابية والركض وراء المنح التي ستدرّ لمن يقدم نفسه ويهب ويدب من كل فج ومج.
فيزداد الوضع تعفنا ويغزو الغثيان المواطن الصالح الذي يبقى مذهولا، غائبا.
وكما قال أدونيس في إحدى قصائده:
هناك الغياب وهناك الحضور.. فنحن الغياب، فنحن الغياب! بلا ريب..
“الخبر” الجزائرية

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *