سلال.. و”لغو الحديث!”

في معرض تبريره لدسترة المصالحة الوطنية، قال الوزير الأول عبد المالك سلال إن مسار المصالحة الوطنية سيتم تكريسه في الدستور المقبل باعتباره “قضية اجتماعية وحضارية”.. إذا كان هذا التبرير اجتهاد شخصي من لدن الوزير الأول فهو معذور في ذلك والمسؤولية تقع على مساعديه ومستشاريه، فالرجل لا يعرف معنى الدستور وماهيته القانونية وطبيعته السياسية.. أما إذا كان من اجتهاد بطانته ومستشاريه، أي أنه قناعة رسمية للحكومة والسلطة بصفة عامة فتلك هي الطامة الكبرى..
فالدستور ليس قانونا عضويا أو فئويا يقنن حقوق وواجبات فئات اجتماعية بعينها، أو يحمي التراث والمواقع الأثرية والمتاحف والمعالم الحضارية… إنه القانون الأساسي الذي يتضمن المبادئ العامة والقواعد الأساسية للدولة ونظام الحكم، وينظم السلطات، ويحدد الواجبات العامة للأفراد والجماعات وحقوقهم الأساسية. وعليه فإن الدستور لا يمكن أن يقنن لخصوصيات أو قضايا آنية أو أزمات اجتماعية أو ترتيبات مرحلية..
المصالحة الوطنية قضية اجتماعية نعم، مرتبطة بأزمة نظام في مرحلة معينة، وسياسات وأشخاص وأسباب محدودة في الزمان والمكان، ولا يمكن اعتبارها ثابتا من الثوابت الوطنية كالدين واللغة والسيادة .. وليست البتة قضية حضارية،صحيح أن الحضارة مرتبطة بالأمن والاستقرار بمفهومهما الواسع الذي يمكّن المجتمع من صنع الفعل الحضاري أي الإبداع العلمي والثقافي، لكن لا علاقة لها بالمصالحة الوطنية إلا من بعيد وفي لحظة معينة في تاريخ المجتمع.. وإذا افترضنا جدلا أن المصالحة الوطنية يجب دسترها على اعتبار أنها قضية اجتماعية وحضارية، فهذا يعني أن الدستور الجزائري سيتكون من مجلدات لا تسعها المكتبات لأن ثمة قضايا اجتماعية وحضارية كثيرة أولى بالدسترة أكثر بكثير من المصالحة الوطنية.
“الشروق” الجزائرية

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *