احتشد بقايا “الغاضبين” من الشباب الإسباني، أمس الأحد في ساحة “باب الشمس” بالعاصمة مدريد ، إحياء للذكرى الخامسة لاعتصام 15 مايو عام 2011، حين أصرت مجموعات من الفتيان من الجنسين على تمضية الليل في الميدان الشهير، احتجاجا، بدا في حينه غير مفهوم، على الأوضاع التي عاشتها البلاد في ظل الحكومة الاشتراكية. رفعوا شعارات حملت دعوات إلى الحرية المطلقة والتحفيز على الانتفاض ضد الأوضاع القائمة بما فيها النظام السياسي لاستبداله بما أسمته الحركة في حينها بنظام تشاركي.
ولم يكن احتفال أمس بحجم ذكرى اللحظات المجيدة وطموح حركة “إنديغنادوس” فلم تحج إلى باب الشمس، في جو ربيعي مشجع، إلا أعداد متوسطة هي بالقطع دون الحشود الكبيرة التي توافدت على نفس المكان في الماضي، ما يعني أن الحركة يتهددها نفس مصير التلاشي والتقلص الذي طال مثيلاتها في عدد من الدول العربية تحت يافطة “الربيع العربي”، علما أن الشباب الإسباني الغاضب أكد أكثر من مرة انتسابه إلى الحراك العربي والتقائه معه في بعض الأهداف.
وحرص من تظاهروا أمس في مدريد، على تأكيد الطابع المستقل لحركتهم ماضيا وحاضرا وربما مستقبلا، عن الأحزاب السياسية التي تتسابق حاليا على الكعكة الانتخابية، بما فيها حركة “بوديموس” التي زعم مؤسسوها في وقت من الأوقات أنها امتداد طبيعي للحراك، خرجت من معطف احتجاج 15 مايو.
وفي هذا السياق، غاب عن الاحتفال قادة “بوديموس” الكبار واكتفى، بابلو إيغليسياس ونائبه إينييغو إريخون، بالإعراب عن تهنئتهما في مناسبة الذكرى الخامسة؛ بيد أن منتسبين إلى “بوديموس” شاركوا بصفة شخصية في المسيرة التي طافت أرجاء الساحة في أجواء احتفالية تليق بالشباب.
وبرر غياب الحزب الفتي بالرغبة في عدم لفت الأنظار إليه خلال الاحتفال، فيما يرى الغاضبون أن بوديموس، صارت جزءا من النظام السياسي والاجتماعي القائم.
وظهر واضحا من خلال اللافتات المرفوعة ومن تعبيرات بعض المشاركين أن أتباع 15 مايو، يرفضون المظلات والقيادات الحزبية والإيديولوجية بل يعتبرون أنفسهم جزءا من حركة تلقائية عالمية لها امتدادات في عدد من الدول والمجتمعات وكذا المدن الإسبانية، بعضها أعلن عن نفسه بوضوح وبعضها الأخر ذو طابع جنيني، مشيرين إلى حركة “الواقفين ليلا” التي تعتصم بدورها منذ أيام بساحة الجمهورية بباريس، في طقوس مماثلة لتلك التي مارسها الغاضبون في باب الشمس بمدريد؛ ما يعيد إلى الأذهان أجواء ثورة الطلاب في فرنسا عام 1968 والتي كانت أحد أسباب تنحي الجنرال، دوغول، عن السلطة بعد فشله في الحصول على نسبة معينة في الاستفتاء الشعبي الذي أجري لقياس مدى شعبيته وموافقة المصوتين على الإصلاحات التي كان يعتزم مؤسس الجمهورية الخامسة إدخالها لإصلاح النظام.
وكان مثيرا في احتفالات أمس ظهور لافتات مؤيدة لكفاح الشعب الفلسطيني وأخرى مرحبة باللاجئين السوريين، دون انتقاد صريح للجهات المتسببة في مآسي الشعبين، كما أطلق آخرون نداءات لصالح الجمهورية في إسبانيا.
تجدر الإشارة إلى أن وزير المالية اليوناني السابق في حكومة سيريزا “يانيس فاروفاكيس” صرح أنه سيقود في غضون أسبوعين تظاهرة شبابية عالمية للتنديد بسلطة المال.