الهاجس الأمني
الهاجس الأمني حل محل بناء الديمقراطية كأولوية في تونس

تونس.. هل يعصف الهاجس الأمني بالمشروع الديمقراطي؟

بعد أن عمت الفرحة تونس حين تأكد شعبها أن “بن علي هرب” فرارا من مظاهرات شعبية أرخت لبداية ما سمي “ربيعا عربيا” أطاح بحكام عمروا عقودا، وأشعل فتيل ثورات اجتاحت المنطقة برمتها. آنذاك، استبشر الكثيرون بانطلاقة المشروع الديمقراطي قبل أن تكشف الفترة الانتقالية العصيبة كيف أن الهاجس تسلل رويدا رويدا ليصبح على قائمة الأولويات.

وبالرغم من التنويه الذي تحظى به التجربة التونسية دوليا بعد نجاح البلاد في صياغة دستور ديمقراطي وإجراءات انتخابات تشريعية ورئاسية، إلا أن طغيان الهاجس الأمني دفع الكثيرين إلى التخوف من كون المشروع الديمقراطي سيقف في منتصف الطريق، في حين لن سيصبح الرهان هو تحصين المكتسبات التي تحققت في السنوات الخمس الماضية بدل التطلع إلى تحقيق المزيد.

وفي حين يسود الاختلاف بين القراءات للمرحلة الحالية في تونس، على الأقل من منظور غربي، بين من يرى في البلاد الجبهة المنسية لمواجهة الإرهاب، حيث تترك تونس تواجه لوحدها تهديدا يتعاظم في المنطقة ويرخي بظلاله على نقط الضوء الوحيدة بين بلدان “الربيع العربي“، يعتقد البعض الآخرون أن الهاجس الأمني يدفع الغرب إلى التركيز على التعاون العسكري بدل رعاية التجربة الديمقراطية الوليدة في تونس.

الباحث الأمريكي سام كيمبال عبر عن قلقه بخصوص مستقبل الديمقراطية التونسية، معتبرا أن تركيز الولايات المتحدة على الجانب العسكري في علاقاتها مع شريكها المغاربي لن يقود سوى إلى تعزيز “الإمكانيات القمعية” للسلطات.

إقرأ أيضا: لودريان يعلن استعداد فرنسا لدعم ليبيا لتأمين حدودها البحرية
وقدم الكاتب الأمريكي من خلال مقال نشر بموقع مجلة Foreign Policy الشهيرة ما يراها مؤشرات تبرر قلقه هذا، بدءا بكون رئيس البلاد، الباجي قايد السبسي كان على رأس الجهاز القمعي في عهد الحبيب بورقيبة، أي وزارة الداخلية، ورئيسا للبرلمان في عهد بن علي، مرورا بما أسماه المتابعات التي يتعرض لها الصحفيون والمثليون الجنسيون، وانتهاء بتبني قانون الإرهاب وتجديد حالة الطوارئ في شهر فبراير الماضي وتقديم مشروع قانون المصالحة الاقتصادية الذي سعى إلى العفو عن المسؤولين ورجال الأعمال ممن ارتكبوا جرائم اقتصادية في عهد الرئيس المخلوع.

كلها دلائل حسب سام كامبال على أنه يجب القطع مع الفكرة التي تعتبر تونس “قصة النجاح” الوحيدة بين بلدان الربيع العربي.

ويبدو أن الحكم الذي أطلقه الكاتب الأمريكي فيه ما يكفي من القسوة، خاصة وأن الهاجس الأمني في تونس ليس حكرا على السلطات، حيث أن خوف المواطنين على أمنهم وسلامتهم أكبر من قلقهم على الحريات المكتسبة في فترة ما بعد الثورة.

في تقرير نشرته إذاعة NPR الأمريكية، أشارت الصحفية ليلى فاضل إلى هذه النقطة مؤكدة أن الشعور المتنامي داخل تونس هو كون التونسيين مستعدين للتخلي عن حرياتهم المدنية مقابل إجراءات أمنية أكثر تشددا تضمن لهم الأمن والاستقرار، خاصة بعد ما عاشته تونس من ثلاثة هجمات إرهابية كبرى.

بيد أنه ليس الإرهاب وحده ما يشكل مصدر خطر على تونس. ففشل الحكومات المتعاقبة في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وردم الهوة بين الجهات وخلق فرص شغل للشباب العطل، وهي أحد أهم الأسباب التي قادت إلى ثورة 2011، تعتبر قنبلة موقوتة تهدد بعودة تونس إلى دوامة الثورة أو تشكل مشتلا للتطرف والإرهاب.

فهل يعني ذلك أن الديمقراطية في تونس سيتعين عليها الاستمرار في احتلال مقعد خلفي وراء الهاجس الأمني؟

اقرأ أيضا

الحرب على ليبيا في 2011

نواب بريطانيون ينتقدون دور بلادهم في الحرب على ليبيا في 2011

اعتبر نواب بريطانيون بلجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان أن الحرب على ليبيا في 2011 استندت إلى معلومات مخابراتية خاطئة ما عجل بانهيار ليبيا سياسيا واقتصاديا.