فنانات عصاميات جمعتهن مدينة المنستير التونسية ليعرضن أعمالهن ومنحوتاتهنّ ويلتقين على ضفاف الأزرق الجميل، في مهرجان يحتفي بتجارب عصامية في التعبير الفني منذ 14 سنة.
مبدعات جعلن من الألوان والأشكال والأضواء هاجساً وملاذاً وفضاء لكنس الهموم اليومية وطبع الفرحة أو الحزن على اللوحة، كذلك الألم والمتعة، الرغبة والنفور، مع قدرة فائقة على ترويض اللون والشكل والخطوط بما يشي بنزعة شديدة نحو التحدّي. كلها علامات وعتبات يمكن من خلالها دخول عوالم من الدهشة في أكثر من سبعين عملاً ومنحوتة ضمّها المعرض الجماعي الذي افتتح «الملتقى الوطني للمبدعات العصاميات» نسخته الرابعة عشرة، بمشاركة سيدات من المغرب والعراق وفرنسا واليابان وتايوان.
ومع الملتقى، تعيش المدينة الساحرة التي تستلقي بهدوء على الضفة الجنوبية للمتوسط على إيقاع الألوان والأنوثة. ويؤكد مدير الملتقى محمد المداني جقيريم أنّ «التظاهرة ما انفكّت تشهد تنوّعاً في الأعمال المعروضة فضلاً عن التطوّر الملحوظ في عدد الراغبات في المشاركة وليس من تونس فحسب بل من عديد الدول العربية والأجنبية. ونحن نسعى لأن يكون الملتقى لقاء حقيقياً لكل المبدعات بحسب إمكاناتنا، فمن غير الممكن أن نلبّي كل الطلبات، ونحاول أن نوفّق بين الجودة والعدد».
في المقابل، أكد الناقد محمود قفصية ضرورة المراهنة على المبدعات العصاميات، مشيراً إلى أنّ «معاهد الفنون الجميلة لا يمكن أن تخرّج رسّامات إن لم تتوافر فيهن الموهبة أصلاً، كما لا يمكن لكليات الآداب أن تخرّج شعراء أو روائيين، وبالتالي فإنّ التعويل على المواهب وتوفير الأرضية الملائمة لتطوير تجاربهنّ من شأنهما أن يضيفا إلى المشهد الفني التونسي والعربي عموماً. وهو ما أكده الملتقى عبر دوراته التي خرّجت فنانات كثيرات سلكنَ سبل الاحتراف والتميّز».
تضمّن برنامج الملتقى فقرات توزعت بين المعرض الجماعي والورش التي أشرف عليها مختصون وحلقات في التكوين النظري والتطبيقي، فضلاً عن اللقاءات الجانبية وتبادل الخبرات والمهارات.
وتقول فاطمة العبيدي التي أتت من كركوك العراقية إنّها فوجئت بأجواء الملتقى الحميمية. وتضيف: «ميزة الملتقى أنّه موجّه إلى المرأة العصامية التي لم تُحصّل نصيباً من التكوين الأكاديمي في الفنّ، وقد لمست رغبة كبيرة في دعم المرأة في هذا المجال وإبراز ريادتها وتفوّقها». وتلفت إلى أنّها ورثت الفنّ من عمّها رائد الحركة التشكيلية في العراق محمود العبيدي.
جمع الملتقى أكثر من سبعين فنانة ونحّاتة عرضنَ أعمالاً أضيفت إليها الأعمال التي أنجزنها في إطار الورش، وتناولت هموم المرأة العربية، وخصوصاً التونسية بعد أحداث 14 كانون الثاني (يناير) 2011. وطغت الألوان الفاقعة والقاتمة، وتعددت الحركة والأضواء مشكّلة رؤية المرأة لما يدور حولها في جميع مجالات الحياة اليومية، وخصوصاً سياسياً وإقتصادياً واجتماعياً.