تواصلت حملة التشكيك في الروايات المغربية، على قلتها، بخصوص الحادث المأساوي الذي تعرض له ثلاثة مستكشفين اسبان، منذ اكثر من اسبوع، في احدى مغارات جبال الاطلس.
ولم يقف التشكيك في تصريحات الجانب المغربي التي حاولت شرح اسباب ما جرى، بل امتد أي الشك، الى نتائج التشريح الطبي الذي اصرت عائلة احد الضحايا على اعادته في مدينة غرناطة، حيث انتهى المشرحون الاسبان الى نتائج اولية مخالفة لما توصل اليه اطباء مراكش، مفادها ان الضرر الذي تعرض له المتسلق جراء سقوطه، لا يمكن ان يكون سببا في وفاته، ما ترك المجال مفتوحا على مصراعيه لسلسلة من التأويلات المغرضة، لم تكتف بنشر ظلال من الريبة بخصوص الكفاءة العلمية للفريق المغربي الذي اجرى التشريح في مستودع الاموات بمراكش؛ وانما التلميح الى ان المغيثين المغاربة من الدرك الملكي، يتحملون مسؤولية وفاة الاسباني بسبب تقصيرهم او ضعف خبرتهم، كما ورد في تصريحات الناجي،خوان بوليفار، الذي يشحن الاجواء ضد المغرب منذ عودته سالما الى بلاده.
وزيادة على التحامل المبالغ فيه على المغرب واستغلال مروجيه لتداعيات حادث مؤلم،ذكرت محطة ” كادينا صير ” الاذاعية المسموعة على نطاق واسع، ان ملك إسبانيا اتصل بالملك محمد السادس بغد الحادث، يطلب منه الاذن بسفر فريق الاغاثة الاسباني لانقاذ المستكشف الذي ظل عالقا في المغارة قبل ان يهوى الى النهر حيث فارق الحياة.
وحسب الاذاعة الاسبانية فان المغرب اشعر الجانب الاسباني انه ليس في حاجة الى مساعدة، مع الاشارة الى انه لم يصدر بلاغ رسمي عن الرباط، يؤكد وقوع اتصال بين عاهلي البلدين الجارين.
ولم توضح المحطة الاذاعية الاسبانية، الوضعية في مكان الحادث، وقت الاتصال الهاتفي، بين قائدي البلدين، على اعتبار ان الوضعية التي واجهها المستكشفون في ذلك الظرف الحرج، يمكن ان تنقلب،سوءا او خيرا، في رمشة عين؛ فأي عامل طارئ، يمكن ان يغير المعادلة رأسا على عقب وتذهب سدى عملية الانقاذ مهما كانت براعة المسعفين والوسائل التي يتوفرون عليها،خاصة وان الشهادات متفقة على ان مكان الحادث صعب ووعر، لا يعلم احد بما تخفيه تضاريسه الموغلة بين الشعاب والاودية.
ومن جهتها لم تخفف نقابة المستكشفين، من لغة استعدائها عائلة الضحية ضد المغرب، لدرجة ان بعض افراد منها بدأوا يكيلون التهم الى سلطاته، وحملوها مسؤولية فشل عملية الانقاذ، بينما ذهب باقي أعضاء فريق الاستغوار، الى حد الزعم بان المغرب تسبب في ارتكاب ما اسموه “جريمة قتل”!! ولم تشذ نقابة البوليس الاسباني عن القاعدة فقد طالبت من جهتها باجراء تحقيق قضائي،بالنظر الى ان مستكشفين ينتمون الى سلك الامن.
الى ذلك، تحول الحادث الى فرصة للسباق بين الاحزاب السياسية ؛ اذ على الرغم من ان الحكومة الاسبانية على لسان رئيسها، ماريانو راخوي، ونائبته، سريا سانتامريا، التي اكدت يوم الجمعة ماقاله راخوي، وأن الرابط بذلت كل ما في إمكانها من جهد، فإن الحزب الاشتراكي صرح انه سيطلب مثول وزيري الداخلية والخارجية الاسباني امام البرلمان، للاستماع الى شهادتهما وكيف عالجا الموقف؛ اما الحزب الشعبي الحاكم ،فقد وجه اللوم ضمنيا الى المغرب، زاعما انه لم يتم استعمال كل الامكانيات في عملية الانقاذ.
وبرأي متابعين، فان شح المعلومات التي قدمها الجانب المغربي، زادت الموقف غموضا وتركت أسئلة الرأي العام الاسباني، عالقة وبدون توضيحات مقنعة، ما ضاعف جانب الاثارة الاعلامية في الموضوع وفسح المجال امام تكهنات بدون حدود، لا يتضرر منها الا المغرب، في ظل اجواء اعلامية وسياسية متوترة في الظرف الراهن، على خلفية خلافات اخرى بين الرباط ومدريد.
وبالتالي لم يعد صمت المغرب المطبق وتكتمه مقبولا، إذ لا ينفع التواري عن مواجهة الاسئلة كيفما كانت محرجة، فذلك يقوي الشبهات.