المضحك المبكي: الجزائر “قائدة أفريقيا”، هي الدولة الوحيدة غير المنضمة لأي تجمع قاري؟!

هيثم شلبي

لا تزال الذاكرة تستحضر، التصريح الذي جعل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عرضة لسخرية العالم والأفارقة.. والجزائريين!! وذلك عندما قال لمذيعة التلفزيون الصيني، في معرض دفاعه عن أحقية بلاده بعضوية “البريكس”: إن الجزائر تمثل بالنسبة لقارة أفريقيا، ما تمثله الصين للعالم!! وجاءت قمة البريكس، وشاهد الجزائريون عضوية بلادهم تتبخر كما تبخرت ثقة رئيسهم، وتلاشت أهمية “الجزائر العظمى” رائدة أفريقيا، وبدلا منها تم قبول عضوية مصر وأثيوبيا، لتنضافا إلى عضوية جنوب أفريقيا.

مناسبة هذا التذكير، هو مفارقة صارخة، نظن أنه لم يسبق لأحد أن توقف عندها، ألا وهي أن الجزائر، وبعد أن تكفلت بتجميد اتحاد المغرب العربي، وتقطيع أواصر التواصل البشري والتجاري بين أقطاره، وبالتالي إنهائه عمليا، إما تنفيذا لأوامر سادة الإليزيه، أو بسبب قصر نظر جنرالات فرنسا في الجزائر، نقول، أن الجزائر هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي لا تنتمي إلى أي تجمع إقليمي أفريقي!! كيف ذلك وماذا يعني ذلك؟

معلوم أن الاتحاد الأفريقي الذي يضم 54 دولة أفريقية، يضم تجمعات فرعية -اقتصادية بالأساس- لدول القارة الأفريقية، على أساس التقارب الجغرافي بالأساس. وهكذا نجد تجمعا لدول غرب القارة يدعى “إيكواس” ويضم 15 دولة، ليس من بينها الجزائر، وانسحبت منه موريتانيا، وقدمت المغرب طلبا للالتحاق به، لم يتم البت فيه بعد. أما تجمع دول شرق القارة أو “الكوميسا” فيضم 19 دولة، وإن ضم كذلك بعض دول وسط القارة التي تحظى بعضويته إضافة لعضوية تجمع وسط القارة “إيكاس” المكون من 11 دولة. أما دول جنوب القارة فتنتظم في إطار “سادك” الذي يضم 15 دولة ، والذي يضم بدوره بعض دول وسط القارة التي يحتفظ بعضها كدول الساحل (تشاد والنيجر ومالي وبوركينافاسو) بعضوية الإيكواس في نفس الوقت. ويبقى هناك تجمعا عابرا للجغرافيا هو تجمع “دول الساحل والصحراء” المجمد عمليا وإن لم يعلن عن وفاته رسميا، ويضم 21 دولة من شمال (مصر وتونس وليبيا والمغرب) ووسط وغرب وشرق أفريقيا. أما المولود الأخير، والذي يحمل لوائه المغرب، فيهم دول جنوب الأطلسي الأفريقي، والذي يعتبر التجمع الإقليمي الأكبر أفريقيا (بعد استكمال عضوية أنغولا وناميبيا) بدوله البالغة 23 دولة (هو الإطار الوحيد بالمناسبة، الذي تحظى موريتانيا بعضويته). وعلى الرغم من وفرة التجمعات الأفريقية، وإمكانية انضمام دولة ما إلى أكثر من تجمع، إلا أن “زعيمة أفريقيا” وصاحبة الريادة فيها، لم تتفضل بطلب عضوية أي منها -مقابل إدراكها باستحالة قبول عضويتها في بعضها-!! وهكذا فهي تحرم أفريقيا من خبراتها “وقوتها الضاربة”!

وبالمقابل، سعى جنرالات الجزائر، مدنيين وعسكريين، بكل ما أوتوا من قدرات دعائية، وسكبوا من مال “وماء وجه”، من أجل محاولة تعويض هذا الغياب المخجل عن التجمعات المختلفة للقارة الأم أفريقيا، بمحاولة الانضمام إلى البريكس، وبعدها منظمة شانغهاي، والآسيان، ولو أمكنها لطلبت الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي! سعي يعلم الجميع نتيجته التي لا يزال الإعلام الجزائري لم يهضم بعد تعثرها، وتعذرها!! ويتعامل معه كلغز، قبل أن يرجعه في النهاية إلى “الكولسة المغربية” التي تفسد سعي الجزائر في جميع هذه المحافل!! وكان الأولى أن يلتفتوا إلى بديهية أن بلدا يرفض الانضمام إلى أي تجمع إقليمي أو قاري، لن ينظر إليه باحترام في أي محفل دولي آخر.

ورغم الحقيقة السابقة، والتي تعضدها حقيقة أن مجموع صادرات الجزائر ووارداتها إلى جميع دول القارة الأفريقية (باستثناء المغرب) دارت خلال عام 2022 حول رقم شديد التواضع (2.5%)!! لا يزال إعلام الجنرالات مصرا على ريادة الجزائر أفريقيا، وقوتها الضاربة. كما يحاول هذا الإعلام الدعائي الفاشل أن يروج لخرافة أن الجزائر قادرة على الدفاع عن مصالح القارة داخل مجلس الأمن خلال العامين المقبلين، عبر عضويتها غير الدائمة فيه!

ختاما، فإن الضربة القاضية التي أصابت السياسة الفرنسية الاستعمارية، وخادمتها في قصر المرادية في مقتل، فهي تجاوز المغرب لجميع محاولات خنقه وحصاره، وقطع تواصله مع محيطه الأفريقي، سواء عبر مرتزقة البوليساريو في “مهزلة الكركرات”، أو عبر وضع العراقيل في طريق عضويته في الإيكواس، وذلك “بضربة معلم” تمثلت في تبني إنشاء “حلف جنوب الأطلسي الأفريقي”، والذي حرص العاهل المغربي الملك محمد السادس على إعطائه ما يستحق من تنويه وإشادة، في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء. وهنا، الرسالة المغربية واضحة وضوح الشمس: الطريق إلى الريادة الأفريقية، لا يمكن أن يمر سوى عبر تقوية العلاقات مع الدول الأفريقية، صغيرها قبل كبيرها، شريطة أن تكرس هذه العلاقة عرى التعاون جنوب- جنوب، وفق مقاربة “رابح- رابح”. أما البحث عن الأهمية خارج القارة، فهو يحكم على صاحبه بالتبعية الأبدية، وبأن يكون “ذيلا” بعد أن فقد فرصة أن يكون “رأسا”!! مفاهيم يصعب على جنرالات الجزائر استيعابها، وهم الذين اعتادوا على تلقى الأوامر وتنفيذها من السيد القديم/ الجديد، دون أدنى نقاش أو اعتراض، وذلك منذ ما قبل استقلال البلاد الصوري عن فرنسا. واقع، الشعب الجزائري وحده هو من يملك تغييره، ولعل ذلك يكون قريبا!

اقرأ أيضا

المفتي العام للقدس يشيد بالدعم الذي يقدمه المغرب بقيادة الملك لدعم صمود الشعب الفلسطيني

أشاد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، اليوم الأحد …

المنتدى المغربي الموريتاني يرسم مستقبل تطور العلاقات بين البلدين

أشاد المنتدى المغربي الموريتاني، باللقاء التاريخي بين الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ …

مكسيكو.. مشاركة مغربية في مؤتمر دولي حول حماية البيئة

شارك الأمين العام لحزب الخضر المغربي ورئيس أحزاب الخضر الأفارقة، محمد فارس، مؤخرا بمكسيكو، في مؤتمر دولي حول حماية البيئة.