نقاش مستفيض يتواصل في الجسم الحقوقي المغربي وداخل ردهات الحركات النسائية بشأن إصلاح مدونة الأسرة التي دعا الملك محمد السادس إلى إعادة النظر في مضامينها.
ووجه الملك محمد السادس، الأسبوع الماضي، رسالة سامية إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة.
وتأتي هذه الرسالة الملكية تفعيلا للقرار السامي الذي أعلن عنه الملك في خطاب العرش لسنة 2022، وتجسيدا للعناية الكريمة التي ما فتئ يوليها للنهوض بقضايا المرأة وللأسرة بشكل عام.
ورحبت الحركة النسائية المغربية بهذه الخطوة والتي وصفتها بـ”الهامة” بالنظر إلى مجموعة من العوامل.
وحيال ذلك، قالت فوزية العسولي، الرئيسة الشرفية لـ”فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة بالمغرب”، إن إصلاح مدونة الأسرة مطلب مُلح ظلت تنادي به مجموعة من الأصوات والهيئات الحقوقية والسياسية منذ سنوات.
وأضافت العسولي في تصريح لـ”مشاهد24″، أن المدونة الحالية أضحت لا تتماشى مع المتغيرات التي طرأت على بنية المجتمع المغربي، مؤكدة أن بعض البنود باتت متناقضة فيما بينها ولا يجوز أن نستمر على نفس المنوال. على حد تعبيرها.
وأوضحت المتحدثة أن هذه البنود أصبحت متجاوزة وتنتهك حقوق المرأة والطفل والأسرة برمتها.
وتابعت: “بعدما يقارب 20 سنة على اعتماد مدونة الأسرة، فإن هناك تحولات كثيرة عرفتها الأسرة المغربية”.
وبشأن تطلعات فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة بالمغرب للإصلاح المنشود، قالت العسولي إن رابطتها تطمح إلى أن تكون هذه المدونة ضامنة للمساواة في جل المجالات بين الرجل والمرأة، وتضمن حرية الاختيار.
وشددت على أن تطلعاتها مشروعة لخدمة الأسرة المغربية، مبينة أن المساواة يجب أن تشمل الحقوق والواجبات.
وفيما يخص النقاش الدائر بين التيار المحافظ والتيار الحداثي حول بعض البنود، رأت الفاعلة الحقوقية أن هذا النقاش يجب أن يكون هادئا بالدرجة الأولى، مشددة على أن الهدف المنشود من هذا الإصلاح هو وضع حد للظلم.
واستطردت: “من غير المسموح استغلال الدين لإلحاق الضرر بطرف ما”، مشيرة إلى أن الاجتهادات الفقهية تؤكد على أنه “أينما كانت المنفعة كان شرع الله”.
هذا، وأسند الملك الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع.
كما دعا الملك المؤسسات المذكورة إلى أن تشرك بشكل وثيق في هذا الإصلاح الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.
وتقضي التعليمات الملكية السامية، برفع مقترحات التعديلات التي ستنبثق عن هذه المشاورات التشاركية الواسعة، إلى النظر السامي للملك، أمير المؤمنين، والضامن لحقوق وحريات المواطنين، في أجل أقصاه ستة أشهر، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على مصادقة البرلمان.