بصوت يكاد يكون مختنقا بالعبرات، تأثرا برحيل عبد الله باها، وزير الدولة، خاطب عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية، الوزراء الحاضرين في اجتماع المجلس الحكومي، الذي انعقد اليوم الخميس في الرباط.
وقد كان لافتا، أن جميع الوزراء، بمختلف انتماءاتهم السياسية والحزبية، كانوا في حالة من الحزن الشديد على وفاة زميلهم باها، الذي أسلم الروح إلى باريها، مساء الأحد الماضي، في حادث مفجع على سكة القطار.
وحسب بعض المصادر، فإن وزراء الحكومة، أجهشوا بالبكاء لدى رؤيتهم لكرسي باها فارغا، وهو الذي اعتاد الجلوس فيه دائما إلى يمين رفيقه عبد الإله بنكيران، ولم يتحملوا رؤية مقعده فارغا، فاستسلموا للبكاء، وكذلك فعل رئيس الحكومة، الذي غلبته دموعه، بعد أن قاومها في الأول، ليبدو متمسكا بالصبر.
وكان الوزراء قد اقترحوا على بنكيران، أن يظل كرسي باها فارغا، وفاء لذكراه، وتقديرا لشخصه، إلا أن بنكيران رفض هذا ” المقترح النبيل”، حسب وصفه، وأشار إلى صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون بالجلوس فيه، وفق الترتيب البروتوكولي، نظرا لكون” الحكومة متضامنة في كل الظروف”، وفق ما جاء في كلمته التي ألقاها في مستهل المجلس الحكومي.
وتحدث بنكيران لأول مرة، عما دار بينه، وبين الملك محمد السادس، من محادثات عبر الهاتف، عقب الرحيل المفجع لباها، فأوضح انه قال للعاهل المغربي، “دعني بصفتي مصابا في هذا الأخ لقربي منه، فأنت فقدت مواطنا من نوع خاص”، حسب تعبيره.
ولم يفت رئيس الحكومة المغربية، أن يتطرق في كلمته، إلى كل ماكان يتتمع به باها من مناقب وخصال حميدة، جعلت منه رجل دولة، بكل ما في الكلمة من معنى، منصهرا في خدمة وطنه، حتى آخر لحظة من حياته، التي كرسها لخدمة الصالح العام، بعيدا عن الأضواء.
وذكر بنكيران ان جميع الوزراء أدوا القسم أمام الملك يوم تنصيب الحكومة الحالية، ليكونوا مخلصين لوطنهم ودينهم وملكهم، مؤكدا أن المرحوم عبد الله باها، أوفى بالقسم، ويمكن لكل أعضاء الحكومة، أن يوقعوا شهادة مكتوبة يقرون فيها بوفائه والتزامه بمسؤولياته.
وقال بنكيران، إن كل من تعامل مع المرحوم باها، ” أو عاشره في مراحل مختلفة”، اوجمعه معه عمل مشترك إلا ويشهد بنبل الرجل وعطائه وهدوئه وتواضعه.
وحين لمح بنكيران ملامح التأثر بادية على وجوه وزرائه، بادرهم بالقول، إنه يتفهم حزنهم ومشاعرهم، في أول اجتماع أسبوعي للمجلس الحكومي يغيب عنه المرحوم باها، طالبا إياهم أن يتفهموا مشاعره إزاء هذا الحادث المؤسف والمؤلم، ” بعد ان غادرنا واحد منا إلى دار البقاء”.
وخلص بنكيران في ختام كلمته إلى القول : “نحن حكومة مسؤولة تعرف مهامها والموت حق، وسائرون في عملنا، ونسال الله أن يشمل الفقيد برحمته الواسعة”، داعيا إلى أن يكون رحيله وفقدانه موعظة للجميع.
وقد انكب المجلس الحكومي، بعد ذلك، على مناقشة جدول أعماله، الذي تضمن دراسة مشروع قانون التصفية برسم السنة المالية 2012، ومشروع قانون يقضي بتغيير وتتميم القانون القاضي بإصلاح القرض الشعبي للمغرب، ومناقشة اتفاق بشأن الاعتراف المتبادل برخص القيادة المغربية والسعودية، بين حكومة المملكة المغربية وحكومة المملكة العربية السعودية.