دعا المشاركون في ندوة إقليمية حول دور الاجتهاد القضائي في حماية النساء، في ختام أشغالهم أمس الأربعاء بالصخيرات، ضواحي الرباط، إلى تشجيع القضاة على الاجتهاد القضائي في ما يتعلق بحقوق النساء، وذلك من خلال إعادة النظر في طريقة تقييم الأداء القضائي بجعله مبنيا على جودة الأحكام والاجتهاد النوعي.
وأكد المشاركون في التوصيات التي توجت أشغال الندوة، التي نظمها مكتب هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بالرباط بشراكة مع وزارة العدل والحريات، ووزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، على مدى يومين، على ضرورة اعتماد سياسة تشريعية منسجمة ومندمجة تهم مجال النهوض بحقوق المرأة، ورصد مكامن الخلل والفراغ على المستوى التشريعي، وتقنين القواعد والأحكام المتعلقة بها من خلال تنزيل المقتضيات والآليات ذات الصلة بحقوق النساء المنصوص عليها في الدستور.
كما شدد المشاركون الذين يمثلون وزارات العدل بكل من الأردن ولبنان وفلسطين ومصر واليمن والجزائر وتونس، على ضرورة استثمار المبادئ والاجتهادات القضائية النيرة وإدماجها خلال مراجعة النصوص القانونية، وذلك من خلال خلق وسائل وأدوات من شأنها تجميع وتوثيق ونشر الاجتهادات المتعلقة بحماية حقوق النساء، مطالبين في هذا الإطار بالعمل على توزيعها وتعميمها على القضاة ومساعدي العدالة.
ودعوا أيضا إلى الاهتمام بالعنصر البشري وإعادة النظر في برامج التكوين الأساسي والمستمر للقضاة بالمعاهد القضائية عبر إدماج مبادئ حقوق الإنسان، والمواثيق الدولية المصادق عليها ومقاربة النوع الاجتماعي، مبرزين في هذا الصدد أهمية تشجيع المرأة القاضية وجعلها عنصرا أساسيا في تطوير المشهد القضائي عبر إشراكها في كل المبادرات، وكذا تمكينها من مناصب المسؤولية بما يتناسب وقدراتها الفكرية والعلمية.
كما أوصى المشاركون خلال هذه الندوة، بإدراج مادة خاصة بالاجتهاد القضائي من أجل تمكين القاضي من الأسس والأدوات الخلاقة للاجتهاد، مبرزين في السياق ذاته أهمية ربط مجال الاجتهادات القضائية المتعلقة بحقوق المرأة بالأبحاث والدراسات الأكاديمية وتشجيع البحث العلمي في الجامعات على تناولها ، وخلق فقه قضائي ينبني على التحليل والتقييم من شأنه أن يربط بين الجانب العلمي النظري والجانب التطبيقي العملي في نشر فكر قانوني وحقوقي في الآن ذاته.
وفي سياق متصل، شدد المشاركون على ضرورة خلق روابط وجسور للتواصل بين الفاعلين في مختلف البلدان العربية قصد تبادل الخبرات وتقاسم التجارب بما يغني ويدعم المراكز القانونية المتخصصة في هذا المجال، وذلك من خلال خلق شبكة لتبادل الاجتهادات القضائية والتشريعات المتعلقة بحقوق النساء، ووضع قاعدة معطيات تساعد على توثيق هذه الاجتهادات، مؤكدين على ضرورة التحسيس بحقوق النساء في مختلف الأوساط، والدعوة إلى انخراط وسائل الإعلام في التعريف بهذه الحقوق من خلال إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في المشهد الإعلامي باعتباره سلطة تؤثر وتوجه شريحة مهمة من المتتبعين، فضلا عن تشجيع المجتمع المدني على نشر وتوعية باقي شرائح المجتمع بهذه الحقوق.
وقد تم، خلال هذه الندوة، تقديم المحاور الرئيسية “لدراسة تحليلية- توثيقية حول حماية حقوق المرأة في الاجتهاد القضائي بالمغرب منذ الاستقلال حتى سنة 2013″، تعد الأولى من نوعها، من إعداد الخبيرة القانونية زهور الحر، والباحث في القانون الدولي الخاص وقانون الأسرة، حسن إبراهيمي، بالاعتماد على 142 قرارا وحكما قضائيا، بهدف قياس درجات اقتراب الموقف القضائي البات في الوقائع والنوازل من منظومة حقوق الإنسان.
وتقترح هذه الدراسة التوثيقية التحليلية توصيات بشأن مبادرات عملية كفيلة بتعزيز العمل القضائي الضامن للحقوق الإنسانية للنساء وتحصين المكتسبات المحققة في هذا المجال.