سيؤدي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل نهاية أفريل القادم اليمين الدستوري أمام الشعب الجزائري وبحضور جميع الهيئات العليا للأمة وفق ما تنص عليه المادة 75 من دستور 2008، وهو مجبر على وضع يده على القرآن الكريم وقراءة اليمين المتضمن 14 سطرا، فما الذي يحدث إذا لم يتمكن من ذلك؟ هذا هو الهاجس الذي أصبح يخيف أصحاب القرار، وهو الذي دفع بوزراء الرئيس إلى ارتكاب عدد كبير من الأخطاء، باعتبار أن المشكلة لديهم ليست في من يقوم بالحملة الانتخابية لصالح مرشحهم، وإنما في ماذا يحدث بعد 17 أفريل 2014؟.
لمصلحة من يعملون؟
معظم رجال الرئيس هم من منظومة سياسية “فاسدة” سواء كانوا من خريجي المدرسة الوطنية للإدارة أو من شتات الأحزاب الجهوية أو ممن وظفوا في الحكومة بوساطة من الرئيس الراحل أحمد بن بلة أو من أطراف خارجية وهؤلاء “المواطنون السامون” متهم بعضهم بالفساد والبعض الآخر بسوء التسيير والبعض الثالث بـ”الابتذال اللغوي” في مخاطبة المواطنين، ويبدو أنهم أوهموا الرئيس بأنهم قادرون – في غيابه- على تسيير الشأن الداخلي والخارجي فمنحهم سلطة تمثيله والحديث باسمه، فتحوّلوا إلى”دمى هزلية” لدى مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، فأحمد أويحيى الذي وصف نفسه بـ”رجل المهمات القذرة” محق في ذلك، لأنه من بين خريجي المدرسة الوطنية للإدارة التي تخرج منها سلال وكأن هذه الصفات “مقياس” يدرسونه، لعلّ وعسى يتحوّل الحدث لديهم إلى اللاحدث أو العكس، وعودته عبر رمطان لعمامرة الذي اقترحه على الاتحاد الإفريقي لمراقبة الانتخابات في موريتانيا هو تزكية لعودته إلى منصب “مدير ديوان الرئيس”، وفي أول إطلالة له حاول تضليل الناس بإعطاء معلومات شبيهة بالأرقام التي تعوّد على استخدامها لإيهام الآخرين بأهمية ما أنجز؟ وليقول للمواطنين بأن ليس لهم خيار للاستقرار إلاّ بالتصويت على صاحب نعمته، وكأنه يريد أن يستخف بعقول المواطنين لأنهم لا يعرفون كيف قام القياديان الشريف رحماني وقاسم كبير بإبعاده عن قيادة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وكيف تدخل الرئيس بوتفليقة في اجتماع مجلس الوزراء لإعادته إلى قيادة الحزب.
لا يختلف سلوك المدعو بن ياسف والمعروف باسم ياسف سعدي عن سلوك أويحيى، فسعدي لم يكن يجرؤ على الحديث عن الثورة في العاصمة، عندما كان المرحوم رابح بطاط حيا، ولكنه بمجرد أن رحل بدأت خرجاته تحمل الكثير من التضليل للرأي العام، وتشويه رجال الثورة فالشهيد العربي بن مهيدي الذي رافقته زوجة المناضل المجاهد الحاج بن علا من وهران إلى العاصمة في منطقه
“لم يطلق رصاصة واحدة ضد العدو خلال الثورة المسلحة”(الشروق 16 مارس 2014) وهو يزعم أنه”استعمل عقله وحنكته” ليقود الثورة الجزائرية في العاصمة فهل ضاع منه هذا العقل والحكمة حين استطاعت المجاهدة وريدة مداد أن تمنع الفرنسيين من اغتصابها، فقال إنها”انتحرت ولم تستشهد” وكأنه يريد أن يقنعنا بأن الجزائريين الذين ماتوا تحت التعذيب أو فجروا أنفسهم ليسوا بشهداء؟.
من لا يعرف بن ياسف سعدي الذي شكّك في نضال الكثير من المجاهدات قد يصدقه، ومن لم يقرأ مذكرات القيادات العسكرية الفرنسية التي كانت تشرف على قتل الجزائريين في العاصمة قد يعتبره زعيما للثوار، أمّا قصة اختفائه (سجنه) ثم ظهوره خلال الثورة فهي منشورة في مجلة منبر أكتوبر(1988- 1990) التي كان يصدرها الرئيس الراحل أحمد بن بلة على ألسنة رجالات الثورة، وما دام “بن ياسف” من سكان محتشدات (نادي الصنوبر وموريتي) الذين يعرفون بعضهم البعض فهو لا يختلف عن بقية من زوّروا تاريخ الثورة الجزائرية، وشوّهوها فالمجاهد الحقيقي لا يقبل أن يكون في منطقة محرمة على الشعب، لكن المواطن الذي يمنع من دخول هذه المنطقة المحرمة عليه يعرفهم جيدا، فعندما قضى الرئيس بوتفليقة 80 يوما في المستشفيات الفرنسية – وهي أطول فترة يقضيها رئيس عربي خارج بلده- تكوّنت”عصبة” و”لوبيات” في هذه المحتشدات بحثا عن رئيس لخلافة بوتفليقة، وإعادة كتابة تاريخ جديد للجزائر – حسب أهوائهم – يضمن لهم الاحتفاظ بهذه الامتيازات.
واعترف أن أغلب الوزراء الذين تقلدوا مناصب في عهد بوتفليقة (1999-2014) لم يكن لهم رأي في الحكومة باستثناء الوزراء المقربين منه، ولهذا يتداولون على الوزارات أو على الحكومات بخطاب واحد، وليس غريبا أن يشتم عمارة بن يونس آباء من لا يحبونهم لأن القليل منهم ما تزال تربطهم بفرنسا علاقات ولاء وعمالة أكثر مما تربطهم بالجزائر، فالمدعو بن يونس كان ينتظر ساعات طويلة في أروقة السلطة الفرنسية حتى يحظى بلقاء أحدهم، ولم يغير الفرنسيون من معاملتهم المهينة له بعدما صار وزيرا، ولا نستغرب هذا السلوك ممن يتخلى عن حزبه الأصلي لتنشئ له الأجهزة حزبا جديدا، وهو لا يختلف كثيرا عن عبد المالك سلال الذي لا يفرق بين الشِعر والقرآن، مثلما كان وزير التربية السابق، وليس غريبا أن يسمي الطلبة “عتاريس” والبطالين “شرذمة”، فهذه هي لغة من تخرجوا من المدرسة الوطنية للإدارة، ولكن الغريب أن ينقل لي يمنيون رسالة مفادها أنه من أصول يمنية، والأغرب أن ينقل لي فرنسيون من أصول جزائرية أن بيار سلال المولود في 13 فيفري 1952 بتولوز، وهو من الأقدام السوداء يعمل أمينا عاما لوزارة الخارجية الفرنسية منذ 2009 لغاية اليوم عندما يتصل بنظرائه الجزائريين، يفضل عدم ذكر لقبه، وعندما سئل عن ذلك، قال إنه لا يريد إحراج الجزائريين فهل بسبب مزحات سلال الذي يتقاسم معه اللقب دون الأصل؟.
لا أحد يستطيع أن يغير من خطاب سلال فهو حسب مقربين منه يعتقد أن خرجاته الإعلامية هي التي تسجل حضوره في الذهنية الشعبية، وليس برنامج الرئيس الذي يدافع عنه، وقد أثرت فيه مقولة “شاوي وطاح في البارود” التي حرّفها الرئيس بوتفليقة عام 2009 فصارت “شاوي وطاح في صينية مقروط” ولهذا ليس غريبا أن يمازح زملاءه بالقول”شاوي حاشا رزق ربي” التي أثارت استياء شعبيا كبيرا.
هناك من يقول إن التنكيت على سكان معسكر، كان هدفه المساس بالأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية، وتشويه أبناء المنطقة التي احتضنته، ويبدو أن الغرض نفسه من التنكيت على الشاوية لأنهم قادوا الثورة التي حررت الجزائر من 132 من الاستيطان الفرنسي، فماذا يراد من وراء إشعال نار الغضب والفتنة بين الجزائر ومن هم؟.
إذا كان التغيير سُنة الحياة والطبيعة لا تقبل الفراغ، فالاستخفاف بالربيع الذي دخلنا فصله لا يختلف عن الاستخفاف بدول الربيع الذي تتداوله ألسنة وزراء الرئيس.
لا أتصور أن عاقلا يقول “إن الربيع العربي حشرة وسنقضي عليه باستخدام مبيد الحشرات وسنستخدم كل المنتجات اللازمة لإيقافه” أمام شباب جاؤوا بهم من ولايات الجزائر ليملؤا القاعة البيضاوية مقابل2000 دج لكل واحد منهم، وهم ربيع الجزائر الذي لا يشترى ولا يباع؟.
أغلب وزراء الرئيس بوتفليقة سيجدون أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه بعد 17 أفريل لأن الرئيس إذا تعافى سيتخلص منهم، وإذا لا قدر الله ولم يتمكن من آداء اليمين الدستوري فإن حركة” بركات” ستتابعهم لأنها موجودة في شكل تنسيقيات في 28 ولاية وترصد جميع أخطائهم وستقف لهم بالمرصاد؟؟؟.
ربما يقول البعض إن النظام لا يتغير وأن الرسالة التي بعث بها إلى الفضائيات الخاصة بالاعتداء على قناة الأطلس كافية لردع من يفكر في إسقاطه، ولكن من كان يدافع عن تأشيرة دخول لليهودي “بيرنار ليفي” عندما كان في البرلمان صار وزيرا في حكومة بوتفليقة؟ ومن دافع عن الربيع العربي بالتغيير السلمي ما يزال يملك الشارع الجزائري والهوة بين الحاكم والمحكوم في جزائر اليوم صارت أمرا معيشيا، فحق الشباب في الشقة والعمل ليس صدقة من أحد ولهذا فالتغيير يحقق مستقبل الجزائر، بعيدا عن شلة مدرسة الإدارة وحلفاء فرنسا في الجزائر؟.
“الشروق” الجزائرية
اقرأ أيضا
الصحراء المغربية.. الولايات المتحدة تجدد دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل جدي وموثوق به وواقعي
جددت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، اليوم الجمعة بالرباط، تأكيد دعم …
بعد اجتماعات.. حزب الاستقلال يكشف موعد مجلسه الوطني
أعلن حزب الاستقلال اليوم الجمعة، عن موعد مجلسه الوطني. وأوضح حزب الميزان في بلاغ له …
أصبح مليونيراً دون أن يدري.. البحث عن فائز “يانصيب” مجهول
تقاسم اثنان من حاملي التذاكر المحظوظين، الجائزة الكبرى التي بلغت 5.275.282 جنيهاً إسترلينياً في سحب …