أي نبرة تلك التى ساقها نتنياهو رئيس وزراء حكومة اسرائيل عندما أكد من خلال كلمته التى ألقاها بمناسبة تثبيت الهدنة بأن إسرائيل حققت أهدافها في قطاع غزة، كأنها، أشبه بالمناشدات الانتخابية التى لا تخلو من الجانب العاطفي، بل، تؤكد كما أنه محترف بالكذب السياسيي، كذلك، محترف لقتل الأطفال والنساء،وإن جاز لنفسه التحدث علناً عن انتصار عسكري لا يرتقي إلى الجزم بقدر أنه مشكوك به جملةً وتفصيلاً، ليس فلسطينياً أو عربياً أو حتى دولياً، بل، من داخل البيت الإسرائيلي، حيث، تتلاطم التصريحات وتتنافر التحليلات وتسقط تباعاً جميع الأدوار أمام حقيقة لا تقبل التدليس، لأن عناصرها ثابتة وواضحة الإخفاقات السياسية والعسكرية، وما من شك، أن يشعر نتنياهو بتفاقم المأزق، خصوصاً، عندما يُقدم على مغامرتين، الأولى في الضفة الغربية التى أدت إلى انقلاب عام في المزاج الشعبي والسلطوي، معاً، وأشعلت مواجهات في القدس العربية، والثانية، حين غُرر، هو لا سواه، بأنه قادر على تلقين قطاع غزة درساً، أراد منه اضعاف قوة المقاومة وتذكيرها بالفارق والتفوق العسكري، وآن، أي تحرك للمقاومة في الضفة الغربية، له ثمن باهظ التكلفة وسيقابل بالحزم .
مع ذلك فإن مشروعية التنقيب والنبش والأسئلة حق لكل فرد على هذه الأرض، خصوصاً، إذا عزت الحقائق أو بالأحرى، إذا، كثر الضجيج حول المشهد من خلال الإعلام والوسائل الاجتماعية المنتشرة والمتاحة في هذا الفضاء الواسع، بادئ ذي بدء، وبعد الفشل الذريع في المحطتين، أولاً، مدينة الخليل، تبعها مدن الضفة بأكملها التى شهدت سلسلة اجراءات مضادة لفعل ابتدأ بالعربدة وانتهى بحرق إنسان على قيد الحياة، قُبلت، بمواجهات بالإضافة إلى تنظيم مسيرات شملت فلسطينيو 48، كانت قد اتفقت الجموع على ليلة القدر موعدها، حيث، اجتمعت الحشود بدافع الامتداد الطبيعي لمعركة الحرية والكرامة الوطنية، رهنوا المحتشدين على أنفسهم بتذكير المحتل بأن الشعب، لن يموت، بل، يعود في كل مرة أكثر اصراراً من رماد النكبة، إلا أن، الأصعب لإسرائيل كان المكمل لسلسلة اخفاقات قد سجلت بكل براعة، فشل جديد، عندما ارادت استحضار والاستعانة من مخزونها الدموي لعملية قد نفذتها سابقاً عندما اغتالت الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام في 14 / تشرين الثاني 2012، وبعد محاولة الأولى عام 2004 م التى نجا منها وتركت المحاولة اصابات بجسده بينما قُتل أبنه البكر محمد، في المرة الثانية عادت وتمكنت منه في الحرب ما قبل الأخيرة، هنا وبكل ثقة تكرر الفعل بعملية مشابهة التخطيط، مستثمرةُ الفسحة أثناء صياغة الهدنة في القاهرة، الهادفة بوقف حرب العصف المأكول، حيث، اعتقدت بأن الهدف المطلوب سيكون سمكة سهلة الاصطياد في شبكة السلاح الجو الإسرائيلي التى قامت بعض طائراته مساء الثلاثاء 19 اب 2014 م، بتدمير منطقة ابو علبة في حي الشيخ رضوان شمال غرب غزة بالكامل، حيث، نكثت كعادتها الهدنة وقامرت بهدف تحقيق انجاز معنوي لإرضاء جمهورها، لكنها، في النهاية عززت أسم وأسطورة محمد ضيف التى استهدفته بصواريخ من نوع 28-GBU أمريكي الصنع، الخارقة للملاجئ .
تقف القضية الفلسطينية عند مفترق طرق، حاد وخطير، ليس مثله مثيل سابق، وخاصةً، بعد الحروب الأربعة التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وكما يبدو أن الانعطافات التجريبية عند حركة حماس حتى الآن لم تسفر عن نضج كافي في الجانب السياسي، بعدّ، تماماً، انه، مغايراً، في الجانب العسكري الذي ارتقى إلى نقطة حسنة لتتسع الفجوة بين سياسيها وعسكريتها فيما القوى الوطنية الفلسطينية، جميعها، تدرك بأن المفاوضات أصبحت عملية غير نافذة، بل، عارية بعد ارتطام مساراتها بجدران مسدودة، وهذا، يتضح، أيضاً، في الجهة الأخرى، وتكشف عنه الحرب الأخيرة بأن العمل العسكري، هو، الأخر بات يراوح مكانه، وبالتالي، لا بد أن تعي الفصائل المقاومة وعلى وجه الخصوص حركة حماس تلك المعادلة وطالما المحيط العربي، على الأقل، غير مستعد أن يكون حاضنة للمقاومة بالمعنى الطبيعي، فعلى خالد مشعل رئيس حركة حماس أن يحولّ خطابه وجماعته من خطاب شعبوي إلى شعبي، تماماً، كما هو الحال لدي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ففي جميع المراحل حرص الرئيس أبومازن في الحقيقة على إعلاء شأن الهوية الفلسطينية وليس الحزبية، حتى لو كانت حركة فتح تعاني من معضلات بنيوية شتى، تبقى اللغة الوحدوية هي الطاغية .
الآن، وبعد هذا الصمود العسكري والسياسي، نوعي طبعاً، لا يمكن، إلا أن، يصنف بالانتصار الجزئي، إن ما قورن بالطبع بالحروب السابقة التى خاضتها الجيوش العربية مع إسرائيل، لكن، تبقى إسرائيل دولة ذات امكانيات كبيرة وليس، لأن، سقطت ورقة من اوراق التوت عنها وظهر خلل في قدرة افرادها ومجموعاتها ميدانياً بتحقيق أي تقدم أو نجاح يذكر، مما يعنى ذلك، ستستنكف عن الاستمرار في تنفيذ استراتيجياتها بالمنطقة، ابداً، بل، هي التى ستسعى بكل ما تمتلك من اوراق وامتدادات في الداخل الفلسطيني بالإضافة إلى أذرعها في المنطقة العربية إلى إفشال الوفاق الوطني وبالتالي لن توفر أي جهد كي تعيد الوضع السياسي الفلسطيني إلى ما قبل الانقسام، حيث، جغرافياً واقع منذ قيام الدولة العبرية، 1948 م، وبالرغم، من تواري اسرائيل خلف ماراثون المفاوضات وعملية السلام، تبقى،الإستراتيجية الإسرائيلية تعمل على تحقيق أهدافها من خلال اقتطاعها المتواصل للأراضي الضفة الغربية التى حولتها إلى قطع متباعدة تتحكم، هي، في مناحي حياة ساكنيها، والملفت إلى حد كبير بأن الاعتراف بالحقوق الإنسانية والوطنية للفلسطينيين، حسب سلسلة تجارب وعلى مدار الستة والستين عام لم يأتي إلا من خلال قوة الردع وتطويرها، دون ذلك ستستمر المفاوضات والمقاومة مكانك راوح .
حماس كحركة فلسطينية عملت منذ 1972 م تحت أسماء مختلفة، هي، كأحد أهم الورثة للجماعة الأخوان المسلمين في فلسطين، وفي ظل التجاذبات الداخلية والخارجية لا مفر إلا أن تختار الجامع الوطني والشريك الأهم، هو، الرئيس محمود عباس، غير ذلك سيكون طريقها حافل بالإخفاقات والتورطات الإقليمية والدولية، رغم، نجاحاتها العسكرية والتى لا بد أن تعي، أيضاً، أن الإسرائيليون يتعاملون مع الهدنة بمضمونها الذي يعني بأن عودتهم لقوة النار قد تكون في أي وقت يجدوها فرصة، وهذا، قد يكون أحد عناصر الاشتباك الآتي مما يدفع المقاومة إلى التخطيط للمواجهة القادمة بحيث تجتهد لاسترداد منطقة من داخل خط الأخضر، المتاخمة لحدود قطاع غزة، بالتأكيد، الهدف منه سيكون رفع سقف التفاوض الذي سيدفع الإسرائيليين إلى استخدام قنابل عنقودية محدودة المساحة، إذ، ما قارن المرء بين عملياتها الأخيرة في الشجاعية ورفح عندما حوصرت وشعرت بأنها وقعت في المصيدة وقد ينتهي مصير افرادها، لهذا، افلتت قاذفاتها بشكل شرس، لا يختلف أثنين في ضراوة وشدة ووحشية فعلها البربري والتى تذكرنا بواقعة مطار بغداد، مازالت محفورة في الذاكرة القومية، التى وصلت، إليه، القوات الأمريكية في يوم 4 نسيان عام 2003 م، بعدّ حسم معركة البساتين الواقعة في غرب بغداد وبعد معارك ضارية انتقلت مباشرة إلى مطار الدولي وبسب ما شهدته من مواجهات عنيدة وجبارة استخدمت الولايات المتحدة كي تتجنب المزيد من القتل في صفوفها قنابل عنقودية ومن ثم قنابل تسمى أم القنابل هذه القنابل بالحقيقة نووية، لكن، بوجه جديد أو شكل أخر، هي، تعتمد على مادة مركبة تسمى الباريوم ويتم توجيهها بالأقمار الصناعية، دقيقة، لهذا، تفضي الحاجة، الاستفادة من الدروس والعبر السابقة والإعداد لكل جديد بصمت دون المشاكسات التى لا تقدم بقدر أنها تعيق الخطوات السياسية الساعية نحو الدولة المستقلة والاحتراس من الانبهار بالصمود والانتباه للانجرار نحو العبث في اسس المصالحات الداخلية أو تلك التى تزيد من حصار قطاع غزة على وجه الخصوص في هذه المرحلة .
والسلام
*كاتب عربي
اقرأ أيضا
بايتاس: المغرب بصدد استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء ما بين طرية ومجمدة
أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، اليوم الخميس …
مجلس الحكومة يصادق على مشروع “مدونة الأدوية والصيدلة”
تداول مجلس الحكومة وصادق على مشروع القانون رقم 61.24 يقضي بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.24.728 الصادر في 23 من ربيع الأول 1446 (27 سبتمبر 2024) بتتميم القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة.
هيئة نقابية تضع ملفات التقاعد ومربي التعليم على طاولة برادة
طالبت الجامعة الوطنية للتعليم، الحكومة بالإسراع بتنزيل جميع مقتضيات اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023. وانتقدت …