لم يعد مجال لــ «الجلوس على الربوة»

غزلان جنان
وجهات نظر
غزلان جنان27 يوليو 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
لم يعد مجال لــ «الجلوس على الربوة»
لم يعد مجال لــ «الجلوس على الربوة»
07e7c8891b4dd464a3161bcbf5d7c9ad - مشاهد 24

إقدام الحكومة على إغلاق بعض المساجد مؤقتا عملا بتوصية خلية الأزمة أقام الدنيا ولم يقعدها لدى بعض السياسيين والحقوقيين الذين يتعمدون على ما يبدو توظيف المشاعر الدينية للتونسيين لتحقيق بعض النقاط السياسية ولو كانت مغمّسة في دماء التونسيين.. ولو كانت مهددة لأمن البلاد والعباد.
لنتفق منذ البداية أن هؤلاء يتعمدون التوقف عند ـ ويل للمصلين ـ ولا يضعون المسألة في إطارها الشامل والظاهر كإجراء مؤقت جاء للجم خطاب ديني متشدّد.. خطاب تكفيري جرف المئات من شبابنا الى ساحات قتال خارج الوطن ودفع الكثيرين منهم الى رفع السلاح في وجه شعبهم بما جعلهم يستهدفون أبناء المؤسستين الأمنية والعسكرية.. وهم في الأصل يضحون بالنفس والنفيس لحماية الوطن والشعب، علاوة على أنهم أبناء هذا الشعب ومواطنون مسلمون ومؤمنون أكثر بكثير ممّن يستهدفونهم بشبهة التكفير التي جادت بها عقولهم المريضة والتي زرعتها ونمّتها فيهم خطب تكفيرية موغلة في التشدّد تروج أيضا في تلك المساجد العشوائية.
هذا الخلط المتعمد يقدم المسألة للمواطن العادي وكأن الدولة تستهدف التضييق على الدين وتستهدف تجفيف منابع الخطاب الديني.. والحال أن الأمر مغاير تماما لأن المستهدف هو المساجد الخارجة عن القانون والتي يسيرها أشخاص خارج دورة التأطير المسجدي ويروجون فوق هذا خطابا منفلتا، موغلا في التكفير.. وتجاوز في كل الأحوال حرية التعبير وحرية الضمير الى حرية التكفير والتدمير.
ثم ان هذه الإيحاءات السياسوية الهابطة والهادفة الى دغدغة المشاعر واستدرار التعاطف تنمّ عن قلّة مسؤولية وعن عدم تشبّع بمفهوم الدولة وبمتطلبات الأمن القومي للبلاد.. وتنمّ عن استهتار بالآثار المدمرة التي يحدثها هذا الخطاب الديني المتخلف والمتزمّت على أمن العباد واستقرار البلاد، فكيف يسمح البعض لأنفسهم بالتباكي على«تهديدات» مزعومة لحرية العبادة والحال أن حرية العبادة مكفولة في أكثر من 5 آلاف مسجد وجامع تتوزع على كافة أنحاء البلاد ويؤمها مئات الآلاف من الناس بحرية مطلقة؟ وكيف يقفزون على الأضرار الكارثية التي أحدثها التطرف بأمن البلاد واستقرارها وبالنتيجة باقتصادها الذي تعطل بالكامل ومعه تعطل حاضر ومستقبل الشعب.. وصارت عشرات الأسئلة الحائرة والحارقة تطوق مستقبل الدولة في حد ذاته.
لقد كنا ننتظر من هؤلاء ان يصمتوا على الأقل، لأن مثل هذا الخطاب السفسطائي والبدائي والمنفلت هو الذي أوصلنا الى هذه الحالة.. وكنا ننتظر في أدنى الحالات أن يظهروا روح المسؤولية فيساعدوا الحكومة وأجهزة الدولة على كبح جماح التطرف والتشدد والتصدي الى كل ما من شأنه تهديد سلامة الوطن وسلامة التونسيين… وذلك بتبيان أن الأمر محدود في الزمان والمكان ولا يستهدف التضييق على المساجد ولا على الخطاب الديني المعتدل والأصيل والمتسامح والمتنور الذي هو عنوان الاسلام منذ نبت في هذه الأرض الطيبة.
أما وأنهم لم يصمتوا ولم ينخرطوا في التمشي ولو بالنصيحة، فليكن القانون هو الفيصل.. لأن الوضع لا يحتمل التوقف في «منزلة بين المنزلتين».. فإما أن نتصدى للارهاب في كل مظاهره وتجلياته بقوة القانون وبقوة أجهزة الدولة وإما سيجرفنا الارهاب ولن ينجو وقتها كل حمالة الحطب ولا الجالسون على الربوة.
“الشروق” التونسية

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق