يفهم الشخص البالغ أن ارتكاب الأخطاء هو جزء طبيعى من حياة كل إنسان، ولكن يكمن الأمر فى كيفية التعلم من تلك الأخطاء وبصفة عامة فإن الطفل يكبر فى مجتمع يجبره على أن يكون مثاليا فى مختلف نواحى حياته بدءا من درجاته المدرسية وطوال مرحلة الدراسة بصفة عامة. إن التركيز الدائم على أن يكون الطفل مثاليا يؤثر على مدى تعلمه . ولكى يتعلم الطفل فإن الأم يجب أن تتدخل أحيانا لتضمن أن الطفل لن يخطئ بسبب عدم الخبرة. وعلى سبيل المثال إذا مد طفلكِ يديه ليلمس إناء ساخنا على البوتاغاز فإنكِ بالتأكيد لن تتركيه يحترق لكى يتعلم من خطأه.
وقبل أن تبدئي مع الطفل طريق جعله يتعلم من خطأه فيجب أن تنتبهى إلى بعض الأمور أو النقاط، ففي البداية يجب أن يكون الطفل كبيرا بما يكفي ليستوعب الدرس أو الخطأ وليخزن الأمر فى ذاكرته ليستخدمه فى مواقف مماثلة بعد ذلك. وثانيا إذا كنتِ ستتركين طفلكِ يتعلم من خطأه فيجب ألا تكون عواقب أفعاله لها تأثير سلبى أو نفسى أو جسمانى عليه على المدى الطويل.
إن الطفل عندما يصل لسبعة أعوام فإنه يكون قد وصل لمرحلة المنطق فى التفكير، ولذلك يجب ألا تترك طفلكِ يتعلم من أخطائه قبل هذه السن لأنه لن يكون يتمتع بالخبرة أو النضج الكافى الذى يسمح له بالحكم على الأمور بمنطق وعقل. تحب أى أم بالتأكيد طفلها منذ لحظة الولادة وتحاول تدعيمه ومساندته فى كل الأمور بدءا من الزحف والمشى وتعليمه كيفية كتابة اسمه ومساعدته في التعرف على الأصدقاء والوقوف بجانبه فى كل المواقف والتحديات الصعبة. ولكن بالإضافة لكل ما سبق يجب على الأم أن تسمح لطفلها بارتكاب الأخطاء لأن الطفل عندما يخطئ ويتعلم من أخطائه فإن هذا الأمر سيبنى عنده قدرا من العزيمة والقوة وهى أمور سيحتاجها فى المستقبل ليكون سعيدا.
يجب عليكِ أن تحافظى على هدوئكِ وتوازنكِ إذا كنتِ تريدين تعليم طفلكِ الاستفادة من أخطائه ويجب أيضا ألا تركزى على تضخيم أخطاء طفلكِ. وإذا ارتكب طفلكِ خطأ ما فيجب ألا تصرخى فى وجهه قائلة كيف يمكنك أن تفعل هذا الأمر أو أنت لا تستمع لما أقوله أو كان يمكنك أن تنجز الأمر بطريقة أفضل لأن كل تلك الجمل ستدمر ثقة الطفل بنفسه وستجعله يشعر أنه بلا قيمة. يجب أن تخبرى طفلكِ أنه ليس الوحيد الذى يرتكب الأخطاء، ويمكنكِ أن تحكى له عن خطأ ارتكبته فى الصغر أو حتى منذ فترة وجيزة وسيدرك الطفل بهذه الطريقة أن الحياة تمضى قدما حتى بعد ارتكاب الأخطاء، وتستطيعين أيضا أن تحكى لطفلكِ عن أشخاص من المشاهير ارتكبوا أخطاء ولكنهم تعلموا منها وتجاوزوا أى إحباطات. وعندما تحكين لطفلكِ عن خطأ ارتكبته فيجب أن تحكى له أيضا كيف فعلتِ الأمور بطريقة مختلفة بعد ذلك.
إذا تجاهل طفلكِ نصيحتكِ بغلق التليفزيون والذهاب للمذاكرة فلا تجبريه واتركيه يتحمل مثلا عاقبة مثل الحصول على درجة سيئة أو منخفضة فى الامتحان. وإذا خرج طفلكِ مثلا من باب المنزل مسرعا ونسى أن يأخذ ملابس تمرين كرة القدم معه، فاجعليه يتحمل عاقبة هذا الأمر ليتعلم بعد ذلك الانتباه لكل الأمور. يجب أن توفرى لطفلكِ دائما بيئة مليئة بالحب والدعم اللازمين له حتى يكون قادرا على النمو والنجاح فى أمور حياته المختلفة. إذا تشاجر طفلكِ مع أحد أصدقائه أو فعل أمرا غير مقبول اجتماعيا مثل كسر نافذة فى منزل الجيران فيجب ألا تقومي بإصلاح الموقف نيابة عنه، ولكن عليكِ أن تسأليه فى البداية عن كيفية إصلاح الموقف وكيف يرى هو هذا الأمر، كما أن الطفل سيستفيد كثيرا من التحدث مع الجار الذى كسر له النافذة من ناحية بناء ثقته بنفسه.