إن الكلام عن قضية الصحراء المغربية ـ يعني الكلام عن إشكالية عويصة و متشابكة المعالم قد تدخل كتاب غينس للأرقام لقياسية بإعتبارها أطول قضية عرفها التاريخ الحديث فيما يتعلق بتسوية خلافات على أرض متنازع عليها. هذه القضية نظرا لتداخل خيوطها ونظرا لتباين وترامي مصالح ومخططات أطرافها الرسميين.
-فكيف كانت إذن بدايات بزوغ إشكالية الصحراء المغربية؟
-ولماذا الصحراء المغربية؟
– وماهو مضمون هذا الملف الشائك؟
– وماهي أطرافه الرسمية؟
– وهل كانت مقاربة هذه الأطراف لهذا المشكل من المستوى الذي يستطيع أن يؤدي إلى حلول جذرية للملف؟
-هل كانت المقاربة الأممية لملف الصحراء المغربية منطقية في مخططاتها وإقتراحاتها حول الملف؟
– من له الأحقية على إقليم الصحراء؟
– ماهي أطروحات جبهة البوليساريو حول قضية الصحراء؟
-كيف تم الزج بالجزائر كطرف أساسي في النزاع؟
ماهي أبرز التطورات التي وصل إليها الملف في العقود الماضية؟
لمقاربة هذه الأسئلة.المقالة تجد نفسها في الأبعاد المركبة لمشكل الصحراء المغربيةـالغربية من خلال تقديم جرد كرونولوجي للأحداث والخيوط التي نسجت معالم هذا الملف الحرج منذ إفتعاله بظهور جبهة البوليساريو أو ما يسمى بجبهة تحرير الساقية الحمراء وواد الذهب خلال أواسط السبعينات إلى آخر التطورات التي عرفها الملف داخل المنظمة الأممية.
تعود تداعيات إشكالية الصحراء المغربية << الغربية>> على السطح الدولي إلى سنة 1974، حينما رفضت السلطات الاستعمارية الاسبانية تسليم إقليم الصحراء إلى المغرب بعدما تخلت عن مستعمراتها الشمالية بعد حصول المغرب على إستقلاله وسلمت المغرب إقليم طرفاية في سنة 1958، و إقليم سيدي إفني في سنة 1969، مع تحفظها على مدينتي سبتة و مليلية بالمنطقة الشمالية.
رفض إسبانيا تخليها عن إقليم الصحراء كان يبرره منطق واحد، هو مخطط هذه الأخيرة حول إنشاء دولة مستقلة ذات حكومة محلية تحت وصاية وسيطرة إسبانية. ولأجل ذلك أعلنت وبشكل أحادي في غشت من سنة 1974 عن قرارها بتنظيم إستفتاء في الصحراء خلال النصف الأول من سنة 1975، بطبيعة الحال كان رفض المغرب لهذه الخطوة قاطعا بحيث أرسل المرحوم الحسن الثاني برسالة مستعجلة إلى رئيس الدولة الاسباني يشعره فيها بقلق الحكومة المغربية وبعزمها على معارضة هذه الخطوة الانفرادية و في كونها أيضا لا تتطابق مع مضمون قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي نفس الآن تم إرسال مبعوثين ملكيين إلى مختلف الدول لعرض وجهة النظر المغربية من قضية الصحراء.
وبسبب رفض الحكومة الاسبانية لطلب المغرب بعرض النزاع على أنظار محكمة العدل الدولية للبث فيه، وفي 18شتنبر 1974 أعلن الملك الراحل الحسن الثاني عن عزم المغرب على عرض قضية الصحراء على أنظار محكمة العدل الدولية من أجل تحديد المركز القانوني للإقليم، و بالفعل تقدم المغرب بطلب إستشاري إلى المحكمة بعد مطالبته للجمعية العامة بإقاف كل عملية تتعلق بإجراء إستفتاء في الصحراء الغربية إلى غاية معرفة رأي محكمة العدل الدولية في القضية. وتبعا لهذا الطلب أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم 3292 بتاريخ 13ديسمبر 1974 طلبت فيه من محكمة العدل الدولية إصدار رأي إستشاري حول السؤالين التاليين:
ـ السؤال الأول: هل كانت الصحراء المغربيةـ الساقية الحمراء وواد الذهب ـ عند استعمارها من قبل إسبانيا أرضا لا مالك لها؟
ـ السؤال الثاني: في حالة الإجابة السلبية على السؤال ماهي الروابط القانونية التي كانت قائمة بين هذا الاقليم و كل من المملكة المغربية و الكيان الموريتاني؟
وكان تاريخ 16أكتوبر 1975 موعدا هاما في تاريخ المغاربة حيث أصدرت المحكمة رأيها الاستشاري حول السؤالين.ففيما يتعلق بالسؤال الأول كان الجواب بالأغلبية 13 صوتا كله تؤكد بأن الصحراء الغربية كان لها مالك قبل الاستعمار الاسباني مقابل 3 أصوات التي أقرت بأن الصحراء الغربيةـ الساقية الحمراء وادي الذهب ـ لم يكن وقت الاستعمار الاسباني مالك لها mullius terra.أما فيما يتعلق بالسؤال الثاني أجابت المحكمة أجابت المحكمة بأغلبية 14 صوتا مقابل صوتين بأن المواد و المعلومات المقدمة إليها تؤكد وجود روابط قانونية وولاء وبيعة وقت الاستعمار الاسباني بين سلطان المغرب وبعض القبائل التي تقيم بإقليم الصحراء الغربية لكنها تحفظت عن المواد المقدمة لها تدرعا بكونها موادا لا تقيم الدليل القاطع على وجود روابط السيادة الاقليمية بين هذا الاقليم وكل من المملكة المغربية و الكيان الموريتاني في ظل هذا الوقت عرفت الدبلوماسية المغربية بقيادة المرحوم الحسن الثاني كان من نتائجها.الطلب الذي وجهته السعودية إلى إسبانيا بتاريخ 1 أكتوبر1974 بإسم كافة الدول العربية على التعجيل بحل قضية الصحراء المغربية.وكذا تصريح السكرتير العام لمنظمة الوحدة الافريقية بتاريخ 14 مارس 1975 أكد على مساندة المنظمة للمغرب بجميع الوسائل من أجل تحرير أرضيه المغتصبة. وكذا الاجراء الذي أقدمت عليه حكومة ساحل العاج بتاريخ 25 مارس 1975 عندما وضعت السيد “ألفونسو بونسي” ليمثل المغرب في محكمة العدل الدولية…
لكن بعد لاعتراف الصريح لمحكمة العدل الدولية بالحقوق المغربية على صحرائه عن طريق تأكيد روابط البيعة التي تربط سيوخ قبائل غقليم الصحراء بالعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني.لم يجد المغرب بدا من الاقدام على تنظيم مسيرة سلمية خضراء نحو الصحراء بمشاركة 350ألف مواطن بتاريخ 6 نونبر 1975.هذه الخطوة كان من شأنها أن تخلط جميع أوراق الحكومة الاسبانية مما دفعها إلى التفاوض مع المغرب بشأن قضية الصحراء.وفعلا تمت القمة الثلاثية مابين المغرب وموريتانيا و إسبانيا توجت بالتوقيع على تصريح مدريد الثلاثي بتاريخ 14 نونبر 1975 الذي حدد فترة إنتقالية لمدة ثلاثة أشهر يخضع خلالها إقليم الصحراء الغربية لإدارة ثلاثية يليها تسليم إسبانيا للسلطات إلى كل من المغرب وموريتانيا مع إحترام إرادة السكان الصحراويين المعبر عنها من طرف الجماعة الصحراوية برءاسة السيد الحاج الخطري الجماني.
بيد أنه تزامنا مع إعلان المغرب عن نيته البائتة في تنظيم المسيرة الخضراء، فوجأ الجميع إعلان الجزائر بتاريخ21أكتوبر 1975 عن إتخاذها رسميا موقفا معارضا لقرار المغرب بتنظيم المسيرة الخضراء. من فبل أن تقدم على دعم وتوجيه ماسمي بالجمهورية الصحراوية تحت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب أو مايعرف ( بالبوليساريو) بتاريخ 27فبراير 1976 بعد اماتمت بنجاح خطة المسيرة الخضراء التي ترتب عنها جلاء القوات الاسبانية من الصحراء الغربية.وقد كان للدبلوماسية البومدينية آن ذاك دورا مهما في تقوية جبهة البوليساريو عن طريق إحتضانها بمنطقة تيندوف.وكذا ببذل الجهود من أجل كسب إعتراف دولي (بالجمهورية المزعومة) ومن أجل إيجاد موضع لملف مشكل الصحراء الغربية على سطح المنظومة الدولية، وقد إستعملت من أجل ذلك معظم الآليات و التدابير اللازمة منها كما يذكر أستاذ العلاقات الدولية الدكتور عبدالواحد الناصر تقديم المكافآت المالية إلى بعض الدول الفقيرة مقابل إعترافها، أو إنشاء محطات إذاعية تعبر عن لسان حال الجبهة…وهذا يؤكد وبالملموس أن النجاحات الدبلوماسية التي حققتها الجبهة من اعتراف أكثر من 70 دولة وكسب تعاطف العديد بالدرجة الأولى.إلى درجة أنه نجاحا حقق مكاسب فاقت المكاسب التي حققتها بعض الحركات التحررية المشروعة كجبهة التحرير الفلسطينية أو الأكراد في العراق والتاميل في سيريلانكا…نظرا لعدم وجود دولة كالجزائر تقف بجميع إمكانياتها وآلياتها و مآزرتا لها كما يظيف الأستاذ عبدالواحد الناصر.
وقد كان لذلك وقع كبير على العلاقات المغربية الموريطانية ـ الجزائرية حيث تم الاعلان رسميا بتاريخ 7مارس 1976 عن قطع العلاقات الدبلوماسية المغربية الجزائرية، وقد برر ذلك السيد عبد الرحيم بوعبيد بتاريخ 8مارس1976 بكون تجميد العلاقات الدبلوماسية المغربية الجزائرية هو رد فعل مشروع على السياسة الجزائرية الماسة بأحقية المغرب على أراضيه.بيدأنه يجب التأكيد على أن السياسة الجزائرية المغرضة لم تكن تعبر عن إرادة كافة القوى السياسية بالبلاد، فها هي مجموعة من قادة الثورة الأحرار تعلن إستنكارها لتصرفات المسؤولين في الجزائر ضد المغرب بتاريخ 11مارس 1976. بالاضافة إلى تنديد زعيم حزب الثورة الاشتراكية الجزائرية آنذاك السيد محمد بوضياف الذي ندد بمناورات حكام الجزائر لإثارة حرب مغربية جزائرية حول الصحراء،هذا بالاضافة إلى إعلان السيد القايد أحمد عضو المجلس الوطني للثورة الجزائرية في ندوة صحفية بباريس بتاريخ 25 مارس 1976 حيث قال ” إن سكان الصحراء قد قررو مصيرهم. وليس للجزائر أي مبرر للتدخل”.
وهذا مايؤكد نية الرءاسة الجزائرية البائتة والأحادية آنذاك على المس بحق المغرب على غستكمال تحرير أراضيه، تذرعا بمبدأ حق الشعب في تقرير مصيره والتي يمكن إعطاؤها أكثر من قراءة على ضوء قضية الصحراء.
بل ولم يتوقف التحرك الجزائري فقط عند حد كسب إعترافات دولية بما أسمته بالجمهورية الصحراوية، بل تعدى الأمر إلى حد العمل على الترويج لفكرة المفاوضات على صعيد منظمة الأمم المتحدة و التجمعات الدولية حيث إستعلت منابر هذه المؤسسات و المؤتمرات لتحقيق مكاسب دعائية وسياسية عن طريق الدعوة إلى الدخول في مفاوضات مباشرة بين المغرب و البوليساريو، والتي تعني بموافقة المغرب على ذلك الاعتراف السياسي الضمني بهذه الحركة.
وقد كانت لهذه السياسة دور كبير في إقرار المخطط الأممي لإجراء الاستفتاء في الصحراء في الصحراء سنة1988، ووافق المغرب على الجلوس مع حركة البوليساريو على طاولة المفاوظات بشرط حظور طرف ثالث في جميع اللقاءات متمثلا في الأمين العام للأمم المتحدة.
ويجب التذكير بأن هذه الخطوة قد سبقتها العديد من الأحداث المحرضة الجزائرية ـ البوليساروية ترتب عنها حرب دامية سميت بحرب الرمال < 1979ـ1980> كانت من أبرز معاركها نوردها كما جاءت في كتاب ” شعب ضد الرصاص ” للدكتور إبراهيم دسوقي أباضة <معركة طانطان 28ـ29يناير 1979، معركة السمارة 14 مارس 1979 ، معركة بئر إنزران 11 غشت 1979، معركة السيد 13 سبتمبر 1979، معركة بوكراع و العيون يوم 28 يناير 1980، معركة بوجدور 13فبراير 1980، معركة بين طرفاية و رأس الخنيفرة 26 سبتمبر 1980.كلها معارك أبانت عن قوة الترسانة العسكرية المغربية كما جاء في الكتاب حيث لم ينرك لأفراد الجبهة و عتادها الفرصة لتحقيق أهدافها بالسيطرة على الإقليم.
وقد خيم وضع اللاإستقرار هذا المنطقة رغم وقف إطلاق النار بين الجانبين المغربي ـ البوليساريو إلى أن تمكن الأمين العام للأمم المتحدة من صياغة خطة للسلام عرضها على الأطراف بتاريخ 11غشت 1988 وطلب منهم إبداء رأيهم فيها في مدة أقصاها فاتح سبتمبر 1988وكان من أبرز محاور هذه الخطة:
1ـ تخويل الأمم المتحدة المسؤولية الوحيدة و الخالصة عن تنظيم و إجراء إستفتاء من أجل سكان الصحراء بتقرير مصيرهم إما بالاندماج مع المملكة المغربية أو الاستقلال عنها.
2ـ تعيين ممثل خاص للأمين العام يتولى تحت مسؤولية هذا الأخير تنفيذ خطة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء.
3ـ إنشاء بعثة من مراقبي الأمم المتحدة “المينورسو”.
4ـ تخفيض عدد قوات المغرب وقوات البوليساريو.
5ـ إعداد لائحة بأسماء الأشخاص الذين تحق لهم المشاركة في الاستفتاء.
6ـإطلاق سراح السجناء وتبادل أسرى الحرب وعودة اللاجئين.
7ـ إجراء إستفتاء بعد 24 أسبوعا من تاريخ وقف إطلاق النار و تعلن نتائجه في غضون 72 ساعة .بحيث يتم تسريح قوات البوليساريو إذا جاء الاستفتاء لصالح المغرب، وسحب القوات المغربية من الاقليم إذا كان الاستفتاء في غير صالح المغرب.
مجلس الأمن وافق على هذه الخطة بقرار رقم 629في 23 سبتمبر 1988.
كما أبدى طرفي النزاع استعدادهم لتطبيق هذه الخطة بيد أن هذه الأخيرة ستجد العديد من العقبات خلال تنفيذها يمكن إجمالها في ثلاثة أمور:
ـ مسألة التفاوض المباشر ـ مسألة معايير تحديد هوية المشاركين في الاستفتاء طبقا لمقتضيات خطة الأمين العام ـ و مسألة تعيين شيوخ القبائل كل جانب في لجنة تحديد الهوية.
وقد بوشرت عملية تحديد الهوية في يوليوز1994، وتم تعليقها إبتداءا من يناير 1996 بسبب وقف جبهة البوليساريو لمشاركتها في هذه العملية بدعوى رفضها للقوائم التي قدمتها المملكة المغربية.وهو ماسيؤدي في مايو 1996 إلى سحب جزء من بعثة الأمم المتحدة ” المينورسو”.
لكن المباحثات التي تمت تحت إشراف الممثل الخاص للأمم المتحدة السيد جيمس بيكر و التي أدت في جولتها الرابعة “بهيوستن” إلى وضع تصريح نص على إلتزامات يتحملها الطرفين فيما يتعلق بخطة السلام لسنة 1988 بالاضافة إلى الالتزام بالامتثال لمدونة قواعد السلوك الخاصة بحملة الاستفتاء التي تم وضعها في “هيوستن”.
فأستأنفت عملية تحديد الهوية بتاريخ 3ديسمبر 1997 قبلت جبهة البوليساريو بإلتزامها بالشروط المنظمة لذلك، وكان من المقرر أن يجري الاستفتاء يوم 7ديسمبر 1998 حسب التاريخ المحدد من قبل الأمين العام للأمم المتحدة.بعدما تأجل خمس مرات متتابعة.
في ظل هذه التعقيدات التي حومت على خطة التسوية الأممية، وحول عملية تحديد الهوية، و الأشخاص الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء، إستصدر قرارا أمميا تحت رقم 1309 الصادر في 25 يوليوز 2000 تم النص فيه صراحة على أهمية اللجوء إلى الحل السياسي بوصفه أحد الخيارات التي قد تلقى موافقة الأطراف المعنية، وتتجاوز المشاكل التي لاقتها عملية الاستفتاء وخاصتا في مسالة تحديد الهوية.
ولعل من أبرز الحلول السياسية المقترحة لفض النزاع تلك التي تقدم بها جيمس بيكر (كاتب الدولة في الخارجية خلال عهد الرئيس بوش الأب عين من قبل كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحد بتاريخ 13مارس 1997 كمبعوث خاص بملف الصحراء) عام 2001 وهو ماسمي بالاتفاق ـ الإطار الذي تمت الموافقة عليه بمجلس الأمن بتاريخ 30 يونيو 2001. والذي كان يتوخى تحقيق هدفين:
ـ الهدف الأول: نقل سلطات الحكم الداخلي من تنفيدية وتشريعية إلى سكان الاقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي.
ـ الهدف الثاني: البث في الوضع النهائي للإقليم بواسطة إستفتاء يجري حسب مقترحات بيكرخلال خمس سنوات.
رحب المغرب بالمقترح رغم ما أبداه من تحفظات على بعض النقط التي جاء بها، غلا أن الجزائر و البوليساريو و رفضوا المقترح بدعوى عدم ملاءمته لمصالح سكان المنطقة، الشيء الذي سيدفع بالأمين العام للأمم المتحدة إلى طرح أربع خيارات أمام مجلس الأمن:
ـ الأول: تنفيذ مخطط الاستفتاء دون إشتراط إتفاق الطرفين.
ـ الثاني: إلزام الطرفين بالاتفاق ـ الاطار من قبل مجلس الأمن.
ـ الثالث:بحث في غمكانية تقسيم الإقليم بين الطرفين.
ـ الرابع: سحب البعثة الأممية من الصحراء.
بيد أنه مع بداية سنة 2003 سيتقدم بيكر بمشروع إلى الأمين العام سمي ب<< خطة السلام من أجل تقرير مصير شعب الصحراء>>، وهي عبارة عن نسخة معدلة << لإتفاق الاطار>> الذي وافق عليه المغرب سابقا.وقد رمت هذه الخطة إلى المزج بين نظام الاستفتاء الذي عرف جمودا طوال 11 سنة الماضية، وبين الحل السياسي رفض المغرب الخطة وإعتبرها تراجعا عن مقررات الاتفاق ـ الاطار ولكونه أيضا يتضمن العديد من المقترحات التي تمس بالسيادة المغربية على الاقليم( مثل وجود قضاء مستقل ، مشاركة الادارة التنفيذية في جميع المفاوضات المرتبطة بملف الصحراء، وانسحاب الجيش المغربي بعد تسلم الإدارة الجديدة المرتقبة لمهامها و إجراء إستفتاء بعد أربع سنوات ولا تتعدى أربع سنوات، وقد تمت المصادقة من طرف مجلس الأمن على قرار 1495 الداعم لخطة بيكر بتاريخ 31 يوليوز لكن دون فرضها على أطراف النزاع.
أما على المستوى الدولي فقد لقي إتفاق ـ الاطار تأييد كبيرا ودعما ملحوظا. لكن رغم ذلك فإن مجلس الأمن في قرار 1359/ 2001 عبر عن تأييده لإقتراح جيمس بيكر القاضي لمناقشة أي تغيير يقع على الاتفاق ـ الاطار غير أن الجزائر وجبهة البوليساريو لم يرغبا في الدخول في مناقشة مفصلة لمشروع الاتفاق الاطار و أشارتا إلى إستعدادهما للتفوض بشأن إمكانية تقسيم الإقليم، وهذا ما أدى بجيمس بيكر إلى القول بأنه من المسجد تنفيذ خطة التسوية، أو محاولة التفاوض بشأن حل سياسي، و أورد أربعة خيارات مطروحة أمام مجلس الأمن في ضوء ماورد من تقسيم متشائم في تقريره المؤرخ ب19 فبراير 2002 تقدم الأمين العام للأمم المتحدة بتقرير حول الصحراء إعتمادا على ما أوصى به مبعوثه الخاص ويتضمن التقرير مخططا عرف بالحل الرابع يقوم على تقسيم الصحراء بين المغرب والجزائر…قوبل هذا المقترح بالشجب من طرف جميع مكونات الأمة المغربية لما إعتبرته فصلا تعسفيا لجزء من الأقاليم الجنوبية وتقسيم القبائل والأفخاذ والأسر، دون مراعاة للمصالح المشتركة للسكان المعنيين، وقدم المغرب رسالة وجهها مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة السيد محمد بنونة إلى مجلس الأمن بتاريخ 25 فبراير 2002 و التي جاء فيها أن المغرب يؤكد مجددا رفضه القاطع لكل مقترح يهدف إلى المس بالوحدة الترابية ويرغب في أن يسجل علانية رفضه التام لأي نقاش حول تقسيم لأقاليمه على إعتبار أن خيار التقسيم يخفي في طياته بدوره عدم الاستقرار والتوتر في مجموع المنطقة…
وقد جوبه مقترح التقسيم برفض دولي تام حيث أكدت الولايات المتحدة الأمريكية على عدم واقعية فكرة التقسيم، في حين أكد أعضاء اللجنة المكلفة بقضية الصحراء من خلال النائب الأوربي “جون شارل مارشي” على أن مغربية الصحراء الغربية لا جدال فيها على جميع المستويات التاريخية و الثقافية و الجغرافية. في إفريقيا ذهب وزير الشؤون الخارجية لمنطقة الوحدة الافريقية السنغالي أثناء الجلسة الختامية للدورة 75 لمجل الوزراء للشؤن الخارجية لمنظمة الوحدة الافريقية بأديسا بابا حيث قال بالحرف الواحد لم يبق من بين الخيرات الأربع التي تقدم بها الأمين العام سوى الخيار المتعلق بالاتفاق ـ الاطار.
وهكذا كانت مخططات بيكر التي جاءت في غطار البحث عن سبيل لحل سياسي لقضية الصحراء بعيدتا تماما عن أي توافق بين أطراف القضية وبعيدا كل البعد عن إحتواء الملف رغم دهاء هذا الأخيرن مما عجل بإستقالته وتعويضه بمبعوث أممي جديد.فهل يستطيع أن يفعل ما عجز عنه بيكر؟وهل إجتهادات هذا الأخير ستصب في نفس الإطار الذي إشتغل فيه سابقه؟أم أن المبعوث الجديد يحمل تصورات و تمثلات و مقاربات مغايرة لمخططات بيكر؟ هل من الضروري و المؤكد أن يحل مشكل الصحراء الغربية سياسيا؟ ألا يستطيع المجتمع المدني المغربي و الجزاري و الصحراوي أن يقدم لملف الصحراء ماعجزت عن تقديمه المؤسسات السياسية؟ أوا حقا أن سياسة جبهة البوليساريو تمثل إرادة المواطنين الصحراويين الحقيقية؟ الا تكون أحداث العيون والسمارة الأخيرة تريد تقديم رسالة معينة لم تفهم معانيها بالشكل المطلوب؟ إلى أي مدى سيبقى مشكل الصحراء المغربية الغربية يثقل كاهل الشعب المغربي و الجزائري؟
أسئلة أكيد وأكيد جدا تحتاج إلى بعد نظر في التحليل وإلى تأني وتروي في مقاربتها عسى أن نعثر من خلالها على أجوبة صريحة على العديد من الاستفسارات الثاوية وراء مشكل الصحراء.
بيبليوغرافيا:
ـ الدكتور عبدالواحد الناصر: التطبيقات المغربية لقانون العلاقات الدولية.
ـ التقرير الاستراتيجي المغربي 2003ـ 2005 الصادر عن مركز الدراسات و الأبحاث في العلوم الاجتماعية.
ـ الدكتور إبراهيم دسوقي أباضا: شعب ضد الرصاص.
——————————
*باحث في العلوم السياسية