ككل شهر مضان،عادت التلفزة المغربية،بكل قنواتها،خاصة “الأولى” والثانية”، إلى واجهة النقاش،بعد تقديم شبكة من البرامج والمسلسلات،و”السيكتومات”،لم تنل رضى المشاهدين، بل أثارت حولها جدلا كبيرا،تعكسه أعمدة الصحافة اليومية، في شكل انتقادات حادة، ورسوم كاريكاتيرية تسخر من ارتفاع منسوب “الحموضة”.
ورغم التكلفة التي تتطلبها عملية الإنتاج في التلفزة، والمبالغ المالية الباهضة التي تصرف عليها من جيوب دافعي الضرائب، فإن هناك إجماعا على أن الرداءة هي العنوان الأبرز والمهيمن على مختلف الأعمال الفنية.
ويبقى برنامج”الكاميرا الخفية” الذي تقدمه القناة “الثانية” من أكثر البرامج التي تثير التساؤل حول الإصرار على إنتاجها،كل عام،رغم أن بعض الفنانين الذين “مثلوا” أدوار “الضحايا” في السنوات السابقة، كانوا قد خرجوا بتصريحات مفادها أن كل تلك “المقالب”مفبركة، وكانوا على علم بها، قبل تصويرها وفق سيناريو متفق عليه من قبل !!!
وحتى في حالة استعانتها ببعض الأسماء اللامعة، مثل نجوم مسلسلات تركيا وغيرها،بغية إضفاء لمسات من التشويق والإبهار عليها،فإن حصيلة ما يسمى ب”الكاميرا الخفية”في الأخير،تكون صادمة، ولاترقى إلى مستوى الطموح المنشود،لافتقارها للصدق والعفوية في ردود الأفعال لدى المشاركين فيها،والبعض منهم لايهمه في الأخير سوى المقابل المادي..
ولاأحد حتى الآن يدرك سر تركيز شبكة البرامج التلفزيونية في رمضان،على الفكاهة التي تقوم على السطحية والابتذال والتلفظ ببعض الكلمات المستقاة من قاموس الشارع،في محاولة بئيسة لرسم البسمة على الشفاه،في غياب أفكار مبتكرة قادرة على خلق الفرجة والمتعة والترفيه.
والسقوط في النمطية،كانت بطلته هذا العام بامتياز، الفنانة حنان الفاضيلي، العائدة إلى الظهور التلفزيوني، بعد غياب سنوات عن الشاشة الصغيرة،بشخصية “حنان نت” المستلهمة من عالم الانترنيت و”الفايسبوك”،في سلسلة جديدة من إخراج أخيها الفنان عادل الفاضلي.
ورغم أنها تحاول من خلال هذه السلسلة ملامسة ما يجري في الفضاء الأزرق من تواصل بين رواده،إلا أن ذكاءها الفني سرعان ما خذلها،لتحصر اهتمامها في البحث عن عريس، وكأن هذا هو الانشغال الوحيد للمرأة المغربية التي قدمتها في إطار سلبي، كأنها محدودة التفكير، ضاربة عرض الحائط بكل أحلامها وطموحاتها التي تسعى لتحقيقها.
هذه السلسلة بالضبط، كانت محل انتقاد واسع من طرف حملة القلم والريشة معا،في الصحافة، وسبب ذلك راجع إلى كون الفاضلي لم تجدد أداءها الفني،وظلت هي هي، لاتغيير ولا تبديل في تشخيصها الفني، وفي طريقة نطقها لبعض الكلمات من خلال تقمص هذه الشخصية النسوية الغريبة، مظهرا وفكرا..
ولعل هذا هو ما دفع ببعض رسامي الكاريكاتير، وفي طليعتهم الفنان لحسن بختي في يومية”المساء”،إلى تخصيص حيز واسع لانتقاد الفاضلي وغيرها من أصحاب هذه الأعمال الفنية المقدمة التي لاترقى إلى تطلعات المشاهدين،ما يجعلهم يبحرون بعيدا كل مساء عبر جهاز التحكم عن بعد،نحو قنوات أخرى تحترم ذكاءهم،وتوفر لهم كل شروط الفرجة الحقيقية،بعيدا عن الإسفاف والتفاهة.
وإذا كانت القناة “الأولى” و”الثانية” قد راهنتا على استثمار نجاح مسلسي “دار الغزلان” وسر المرجان”،في جزئهما الأول في الموسم الماضي، وذلك من خلال إنتاج جزء ثان منهما،فإن هذا الرهان لم يكن في محله،بدليل أن كل ما هنالك هو التمطيط، دون أية إضافة جديرة بالانتباه.
وهناك الآن غضب وسط سكان مدينة آسفي،نقلت أصداءه الصحافة المغربية،ويتعلق الأمر بسلسلة “الخاوة” التي تجمع عددا من نجوم الفكاهة،مثل دنيا بوطازوت،ومحمد الخياري،ورشيد رفيق،بسبب ما قيل عن سوء استعمال اللهجة المحلية للسكان، وتصوير الفرد المسفيوي كأنه لا هم له في الدنيا سوى فن العيطة،وهو الأمر الذي نفاه فيما بعد مخرج السلسلة ادريس الروخ،في تصريح أكد فيه أنه لايمكن له أبدا التفكير في الإساءة إلى سمعة هذه المنطقة ذات التاريخ المعروف في الوطنية ومكافحة الاستعمار .
غالبية السيكتومات والمسلسلات الرمضانية لاتستحق، في نظر المشاهدين، كل المبالغ المالية التي تصرف عنها،متسائلين في نفس الوقت عن دور الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري،المعروفة ب”الهاكا”، وعما إذا كانت تخضعها للمراقبة والتقييم والمحاسبة بعد الإنتاج.