بات مؤكدا أن سنة 2017 الحالية لن تكون فأل خير على بعض الزعامات الحزبية التي تواجه الآن تصدعات داخل أحزابها، تنبيء بقرب انتهاء عمرها الافتراضي في الساحة السياسية،لتغادرها مكرهة، ولتفسح المجال لوجوه أخرى، غير تلك التي ضجر المواطن من رؤيتها في كل المؤتمرات الحزبية والاستحقاقات الانتخابية.
ولعل القاسم المشترك الذي يجمع بين كل هذه الزعامات المهددة بالسقوط، هي أنها وصلت إلى كراسي المسؤولية السياسية، من خلال استغلالها لخطاب يعتمد على النبرة الشعبوية،كطريقة لاستمالة المواطنين،عبر دغدغة عواطفهم بكلمات مستلهمة من لغة التداول في الحياة اليومية،في الشارع والسوق وغيرهما.
لقد دقت ساعة الرحيل،بعد أن نفذ مخزون القاموس الشعبي من المفردات التي اتضح أنها مجرد مصطلحات لاتسمن ولا تغني من جوع، ولا تعالج مشكلة،ولا تحل أزمة،بل يتم اللجوء إليها عن قصد وسبق ترصد،للتهرب من مواجهة إكراهات الواقع،وللترويج لخطاب استهلاكي ضمن وسائل الإعلام.
ورغم المقاومة العنيدة التي تبديها هذه الزعامات،بغية إطالة إقامتها لأطول فترة ممكنة،في واجهة المشهد الحزبي،فإن النتيجة الحتمية التي تنتظر الجميع هي الإحالة على التقاعد،ليستريح الرأي الوطني العام من وعودها التي تضيع في الهواء مثل فقاعات الصابون.
وفي مقدمة هؤلاء الزعماء الشعبويين،يبرز إسم عبد الإله بنكيران، الأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية،الذي يطمح لإعادة انتخابة أمينا عاما لولاية ثالثة،رغم أن قوانين حزب “المصباح” لاتسمح بهذا الأمر،اللهم إلا إذا جرى إدخال بعض التعديلات على المنظومة الداخلية للتنظيم.
وكذلك الشان بالنسبة لحميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي أصبحت مسألة إزاحته مسألة وقت فقط، وقد يغادر المقر المركزي الكائن في باب الأحد بالرباط،في انتظار صعود نزار بركة إلى موقع القيادة،خاصة بعد حشد الأنصار والأتباع المستعدين للتصويت على هذا الأخير.
أما ادريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،فإن نهايته أصبحت وشيكة،وشبه مؤكدة،في خضم التفاعلات التي يعيش حزب “الوردة” على إيقاعها، منذ أن بدأ أعضاء من المكتب السياسي في التحرك،ليس في الكواليس والخفاء، بل بشكل علني،مطالبين منه بتسليم المفاتيح،محملين إياه كل التراجعات التي سجلها الحزب على العديد من المستويات،وخاصة منها الاستحقاقات الانتخابية.
وكل هذه الأحزاب الثلاثة التي تتهيأ لعقد مؤتمراتها،تعرف في الظرفية الراهنة، حالة من الاحتقانات الداخلية،نتيجة سوء تدبيرها من طرف قياداتها، التي لم يكن يهمها سوى الحفاظ على منصبها،دون تقديم أية قيمة مضافة للعمل الحزبي، الذي يعتبر معيارا من معايير التطور الديمقراطي.