الرئيسية / إضاءات / الجيش الجزائري لن يسمح بتوريطه في حرب مع المغرب!!
الجيش الجزائري

الجيش الجزائري لن يسمح بتوريطه في حرب مع المغرب!!

منذ “ضربة المعلم” التي تمثلت في قرار العاهل المغربي الملك محمد السادس بسحب الأفراد الذين قاموا بتطهير منطقة الكركرات من بؤر التهريب، وشرعوا في تجهيز الطريق الواصل إلى الحدود الموريتانية أمام حركة المواصلات ما بين المغرب وموريتانيا، يتوالى تخبط عصابات البوليساريو التي وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع الأمم المتحدة وبعثتها المينورسو. فهي من جهة لم تستطع الرضوخ لمطالب المجتمع الدولي بالانسحاب إلى خارج المنطقة العازلة، لتضمن لحركة تنقل السلع والأفراد المشروعة انسيابية الحركة، وفي نفس الوقت، لا تستطيع الاستمرار في التواجد في منطقة الكركرات، وتعرض نفسها لتبعات هذا السلوك المتعنت، في وقت يستعد الامين العام الأممي الجديد لتقديم تقريره الدوري لمجلس الأمن بعد أيام، لما لذلك من تبعات سياسية لا تستطيع تحملها.

وهكذا، وأمام عجزها عن الخروج من ورطتها، تتوالى الخرجات الإعلامية لقادتها، ولوسائل الإعلام الجزائرية المرتبطة بمعسكر الرئاسة وفلول الفريق المخلوع “توفيق”، بتهديدات يعلم قادة البوليساريو قبل غيرهم، عجزهم عن تنفيذ أي منها. فلا البوليساريو قادرة على مواجهة العالم سياسيا، ولا على مواجهةالقوات المسلحة المغربية عسكريا، ناهيك عن يقينها باستحالة تحقيق أي نصر عسكري ولو رمزي أمام واحد من أقوى الجيوش الأفريقية. فلماذا إذا تستمر في التلويح بالمواجهة العسكرية، رغم الحقائق الموجودة على الأرض؟

يمكن القول أن تفسير هذا السلوك يحدده شرطان: الاول يهم البوليساريو داخليا، والآخر يرتبط بتعليمات من درج على توجيههم من جانب الراعي الجزائري الرسمي. فالبوليساريو، وأمام تزايد الضربات السياسية التي وجهها لها المغرب، وتوجت بكسبه معركة استعادة مقعده في الاتحاد الأفريقي، تجد نفسها عاجزة أمام تزايد الاحتجاجات المتعاظمة داخل مخيمات المحتجزين في تيندوف والحمادة، دون أن تملك أية أوراق يمكنها أن تساعدها في الاستمرار في كسب مزيد من الوقت، وهو ما يدفع جناحا متعاظما داخل قيادة البوليساريو باتجاه اعتماد سياسة “الهروب إلى الأمام”، ومحاولة افتعال أزمة تأمل أن تحسن صورتها المتهالكة أمام الرأي العام داخل المخيمات، أو تسهم في خلق واقع جديد يتيح لها تحسين موقفها التفاوضي في أية جولة جديدة ترعاها الأمم المتحدة. سياسة، يبدو فشل رهانها واضحا، لسبب بسيط، هو افتقادها لوسائل ضغط حقيقي، أو القدرة على تسجيل بعض النقاط العسكرية أمام خصم يمتلك قوة ضاربة، ودعما وتفهما دوليا وقاريا ما يفتأ يتعاظم.

وفي الجهة الأخرى، وبعد أن فشل معسكر الرئاسة وفلول الفريق توفيق، في إثارة الفوضى داخل الشارع الجزائري لتوريط الجيش في مواجهة مباشرة مع المواطنين، يبدو أن هذا المعسكر قد اختار محاولة اختبار قدرته على توريط الجيش في مواجهة مباشرة مع المغرب، وذلك عبر الإيعاز لعملائهم في البوليساريو بتسخين الأجواء مع المغرب، على أمل جر الأمور إلى مواجهة مسلحة بينه وبين البوليساريو، ولم لا، بطريقة يمكنها أن تسهم في توريط الجيش في مواجهة مباشرة مع المغرب.

إن عجز البوليساريو عن كسب أية مواجهة عسكرية مع القوات المسلحة المغربية، يجعل سلوك هذه العصابة في الكركرات والمنطقة العازلة محكوما عليه سلفا بالفشل. لكن ومع إدراكنا أن قيادة هذه العصابة لم تكن يوما مستقلة عن أوامر الراعي الجزائري الرسمي، فهي تستمر في التعنت، أملا في تحقق السيناريو الثاني، الذي نعتقد بأنه محكوم كسابقه بالفشل أيضا، لإدراكنا بأن قيادة الجيش الجزائري، تدرك تماما من يقف وراء محاولات جرها لمواجهة عسكرية مع الجار المغربي، هم في غنى عنها لأكثر من سبب، وليس لديهم أية مصلحة في السماح بحدوثها، أو حتى الاقتراب منها.

وعليه، نعتقد أنه، ورغم ما يبدو من تمسك جناح الرئاسة بسياسة “حافة الهاوية” مع المغرب، ستأتي قريبا اللحظة التي ستتدخل فيها قيادة الجيش، من أجل وضع الأمور في نصابها، والتأكيد لجناح الرئاسة وعملائها في قيادة البوليساريو، بأن محاولات إشعال نار مواجهة مسلحة مع المغرب، حتى وإن كانت محدودة، هي “خط أحمر”، على المعنيين بالأمر التوقف عن محاولة الاقتراب منه، والبحث عن بدائل سياسية لمواجهة التقدم المغربي أفريقيا ودوليا، ولعلاج الأزمة المتفاقمة داخل المخيمات.

إن إدراك هذه الحقيقة، يحتم على المغرب، رسميا وشعبيا وإعلاميا، الاستمرار في سياسة ضبط النفس، ومتابعة جهدهم الدبلوماسي الناجح قاريا ودوليا، لأنه أثبت نجاعته من جهة، وأدخل خصومهم في مأزق لم يعيشوا مثله منذ عقود، ومن شأن استمراره أن يقود إلى هدم معبد البوليساريو من الداخل، تحت تأثير الضربات الداخلية، التي تترجم يوميا عبر الاحتجاجات الشعبية، وتزايد القفز من القارب الغارق من قبل رموز وقادة البوليساريو. وإننا نرى هذه اللحظة قد أصبحت وشيكة، لاسيما مع الانهيار الوشيك لمعسكر الرئاسة أمام قيادة الجيش التي تنتظر لحظة الإعلان عن الشغور الرسمي لمقعد الرئاسة قبل أن تضع الأمور في هذا البلد الكبير على سكتها الصحيحة، لأول مرة منذ الاستقلال “الصوري” عن فرنسا.