أثار تقدم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وقائد الائتلاف الحكومي الحالي، للترشيح للاستحقاقات الانتخابية المقبلة لسابع أكتوبر ، تساؤلا كبيرا وسط النخبة السياسية حول مدى أحقيته ، أو عدمها، في هذه الخطوة المفاجئة التي أقدم عليها.
ويستمد السؤال شرعيته من كون بنكيران يتحمل مسؤولية سياسية كبيرة، تتمثل في كونه المشرف الأول على الانتخابات، إلى جانب محمد حصاد، وزير الداخلية، ومصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، بما يعني أن هناك حالة تضعه في خانة المنافس للمرشحين، وهذا في نظر بعض المحلين، أمر غير مقبول قانونيا وسياسيا.
لاأحد من هؤلاء الملاحظين ينكر على بنكيران أحقيته في الترشيح بصفته مواطنا منتميا لحزب لسياسي، يمكن له الترشح في أي دائرة انتخابية، يرى نفسه قادرا على الفوز بأصوات سكانها، سواء في حي العكاري بمدينة الرباط، أو في دائرة مدينة سلا، ذات الكثافة السكانية، التي قرر أخيرا خوض النزال الانتخابي فيها، لكن على أساس أن لايكون هو المسؤول الأول على العملية الانتخابية برمتها، في مجموع أنحاء التراب الوطني للمملكة.
الباحث والمحلل السياسي عمر الشرقاوي، أخضع قرار لجنة الترشيحات بحزب العدالة والتنمية لاختيار بنكيران وكيلا للائحة تابريكيت، في سلا، لقراءات من زوايا متعددة، ركز فيها أساسا على الجانب القانوني والسياسي.
القرار، في نظر الشرقاوي، وحسب تدوينة له على حائطه الفايسبوكي، يتسم بالشرعية من الناحية الدستورية و القانونية، فالفصل 30 ينص على أن كل مواطنة و مواطن، الحق في التصويت، وفي الترشح للانتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية، والتمتع بالحقوق المدنية كما ان الفصل 2 يؤكد ان “السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها. تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم”.
ويوضح نفس الباحث، أنه بالإضافة إلى المقضيات الدستورية ، فإن القانون التنظيمي لانتخاب لأعضاء مجلس النواب، لا يضع أي مانع يحرم بنكيران كرئيس الحكومة من الترشح للانتخابات، فالمادة 3 من القانون اعلاه نص على ان الناخبون و الناخبات هم المغاربة، ذكورا و إناثا، المقيدون في اللوائح الانتخابية العامة. كما بنكيران لا يدخل ضمن اللائحة المحرومة من الترشح الفاقدة للاهلية كما تنص على ذلك المواد 5.6.7.8.9.
لكن من الجانب السياسي، فإن الأمر، وفق رؤية الشرقاوي، محرج بعض الشيء، خصوصا وان رئيس الحكومة مكلف رسميا من طرف جلالة الملك منذ 2015 بالإشراف السياسي رفقة وزير الداخلية والعدل على الانتخابات، وهو ما اكده منطوق خطاب العرش الأخير مع ما يتطلبه هذا الإشراف من اشتراطات أكد عليها الفصل 11 من الدستور الذي ينص على “الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي. السلطات العمومية ملزمة بالحياد التام إزاء المترشحين، وبعدم التمييز بينهم”.
والخلاصة التي خرج بها الباحث، هي أن “قرار ترشيح بنكيران لم يعد فقط رهين مساطر حزبية داخلية مهما بلغت ديمقراطيتها، بل ان وضعه الاعتباري كرئيس حكومة يحتاج الرجوع للملك واستشارته بشأن دخوله كطرف في الصراع الانتخابي حتى لا يترتب على ذلك تشكيك قبلي في نزاهة الانتخابات والطعن في مصداقيتها، والتي ستبقى ورقة رابحة بيد الخاسرين للنيل منها.”