لم يدع المغرب، في وقت من الأوقات ، أنه أضحى جنة لحقوق الإنسان، متقدما على الدول التي يضرب بها المثل، على اعتبار أنها راكمت التجارب المضيئة، الواحدة تلو الأخرى، في هذا المجال؛ لكنه بالمقابل يستطيع، بل ومن حقه، أن ينكر بأعلى صوت، تلك الصفات المجحفة التي يطلقها عليه خصومه في هذا الصدد.
من حق المغرب أيضا المفاخرة بالإنجازات الإيجابية المحققة،على مدى السنوات الماضية، منذ إحداث الآلية التأسيسية المتمثلة في “المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان” بداية التسعينيات. آلية تطورت مع الزمن وتوالي الأحداث، نحو “المجلس الوطني لحقوق الإنسان” باعتباره مؤسسة دستورية مستقلة عن السلطات ، ذات مصداقية متنامية، بشهادة المنظمات العاملة في الحقل مثل الأمم المتحدة، التي دخلت في حوار منتج مع المجلس، اسفر عن ترسيخ الثقة الإشكالات الضاغطة.
ومعالجة هذا التطور في تمثل واستيعاب ثقافة حقوق الإنسان، من طرف السلطات والمجتمع المغربي ، لم يقنع “زمرة” من الناشطين الإسبان المجندين منذ سنوات لحساب أطراف معنية أو متورطة ، بشكل من الأشكال، في “نزاع الصحراء”.
ناشطون امتهنوا حرفة “الدفاع” عن حقوق الإنسان المهدورة في الخارج، غير عابئين بما يجري داخل بلادهم . ينتحلون صفات وهويات مزيفة، لزيارة المغرب تحت غطاء صحافي أو علمي، للتقصي عن حقوق الإنسان؛ وليسوا في الواقع، سوى مرتزقة حقوقيين مأجورين، يقومون بخدمة الإساءة إلى المغرب، لقاء مبالغ مالية تؤديها لهم الجمعيات المساندة لجبهة “البوليساريو” في إسبانيا التي تقوم بدور الوساطة أو ما يسمى المناولة التجارية؛تحصل الأموال من الجهات “المانحة” المعروفة بسخائها في هذا الخصوص.
وجوه ملثمة بأقنعة سوداء، اعتادت عليها السلطات الأمنية المغربية في مطار “العيون”. لا تفاجئها تلك الموديلات الحقوقية المتناسلة، كلما حدث “مستجد” لصالح المغرب في مواجهة الانفصال.
يهرع هؤلاء الناشطون المزورون، من مطار “لاس بالماس” حيث يرابطون في انتظار إصدار الأمر لهم. يتقصدون عدم أخبا ر السلطات المغربية مسبقا ولا المصالح القنصلية العاملة في إسبانيا، بطبيعة وموعد المهمة التي يريدون القيام بها خلال زيارتهم للأقاليم الجنوبية، بل يتكتمون وينتحلون أسبابا وصفات أخرى؛ وهذا في حد ذاته سلوك أخلاقي مرفوض؛ إذ يفترض في المدافع عن حقوق الإنسان، أن يجهر برايه ويرفع راسه عاليا؛ فإذا حدث تعاون وتنسيق بينه وبين السلطات، أكمل مهمته وأعلن نتائج بحثه وتحرياته، دون أن يصطدم بالضرورة مع سلطات البلد.
لا يرفض المغرب قطعا زيارة مندوبي الهيئات ذات المصداقية المشتغلة بالشـأن الحقوقي، بصرف النظر عن اتفاقها او اختلافها مع هذه المنظمة أو تلك، فالنقاش الثنائي والإصغاء المتبادل، يجلي كثيرا من الحقائق؛ ومن حق المنظمة أن ترقع سقف انتقادها ومطالبها كما من حق المغرب أن يوضح موقفه ويدافع عن مقارباته.
الناشطون الإسبان المزيفون، الذين يردون على أعقابهم من مطار “العيون” أقل ما يوصفون به أنهم “مرتزقة افراد” عاطلون عن العمل، يتحينون الفرصة للإساءة إلى المغرب ، مقابل ما يتقاضونه من أموال من الصناديق السوداء.
يصل ابتزاز هؤلاء، ذروته، حين يصرحون، بعد افتضاح امرهم ، مستنكرين منعهم من دخول المغرب، زاعمين أن الصحراء ما زالت خاضعة للسيادة الإسبانية؛ وبالتالي فهم يتحركون فوق ارض تابعة للتاج الإسباني. أية حقوق هذه التي يدافع عنها من لم يفكوا بعد ارتباطهم الروحي والوجداني باستعمار القرن 19، لكنهم يطلبون في القرن 21 تقرير المصير للشعب الصحراوي؟
الناشطون الإسبان، الجنود الأماميون في صفوف جبهة البوليساريو، لم يكلفوا أنفسهم ذات يوم، القيام بزيارة الثغور المغربية المحتلة من طرف بلادهم في شمال المغرب. لم ينصبوا خياما في سبتة اومليلية، لم يسبحوا في مياه البحر، نحو الجزر الجعفرية المحتلة الواقعة على مرمى الحجر والبصر من التراب المغربي. تلك أراض ليس من حق أصحابها الشرعيين، تقرير المصير أو تصفية الاستعمار .
ولكن اللوم يجب ان يوجه إلى منظمات حقوقية مغربية وخاصة تلك التي تدعم أسطورة “تقرير المصير في الاقاليم الجنوبية ” دون أن تنبس من جانبها، ببنت شفة عن الوضع الاستعماري في سبتة ومليلية وباقي الجزر.
لم تتحرك فيهم دماء الحمية الوطنية التي دفعت أجدادهم وأسلافهم إلى الجهاد ضد القوات الاستعمارية الغازية في بداية القر ن الماضي، ذودا عن الأرض والكرامة.
لماذا لا يجرب من يعتبرون أنفسهم “جنودا أمميين” لحقوق الإنسان، فتح حوار تقدمي مع رفاقهم الإسبان ؛ليوجهوا اليهم سؤالا بسيطا: لماذا تتبنون مواقف انتقائية بخصوص حقوق الإنسان؟ ثم يدعونهم للقاء في سبتة ومليلية لمعاينة الملف من كافة جوانبه القانونية والتاريخية والحقوقية.
لكن السؤال /التحدي للناشطين الإسبان.. لماذا لا تسندون بمثل القوة مطالب تقرير المصير في”كاتالونيا” أو اقليم “الباسك” وغيرهما على سبيل المثال لا الحصر؟
سيرجمون حتما بأقذع النعوت….
اقرأ أيضا
أليس لجنرالات حكم الجزائر من يُصحِّيهم
إنه إعصارٌ اندلع هُبوبًا على الرُّقعة العربية من هذا العالم، له جذورٌ في “اتفاقيات سايكس بيكو”، ولكنه اشتدَّ مع بداية عشرينات هذا القرن وازداد حدة في غزة، ضد القضية الفلسطينية بتاريخها وجغرافيتها، إلى أن حلَّت عيْنُ الإعصار على سوريا، لتدمير كل مُقوِّمات كيانها. وهو ما تُمارسُه إسرائيل علانية وبكثافة، وسبْق إصرار، نسْفًا للأدوات السيادية العسكرية السورية.
سوريا.. تعيينات بالحكومة الجديدة ورسم معالم المؤسسة العسكرية
تواصل إدارة الشؤون السياسية في سوريا، العمل على ترتيب البيت الداخلي للبلاد بعد سقوط بشار الأسد.
بعد غياب.. مهدي مزين يعود بـ”مابقيتيش شيري” من أول ألبوم له
يستعد الفنان المغربي مهدي مزين، لطرح أول أغنية من ألبومه الغنائي الجديد، والذي يحمل اسم "ماراطون"، وذلك بعد فترة من الانتظار والتأجيل.