بعد أن عاد ممثلو الأحزاب اليسارية المغربية من ستوكهولم حاملين لبشارة عدم قرب اعتراف حكومة السويد بالجمهورية الصحراوية الموهومة، استجابة لتوصية قديمة من برلمان بلادهم، يستعد ممثلو باقي الأحزاب المغربية لحط الرحال في العاصمة السويدية للغرض نفسه، من أجل بيان صلابة وتماسك مواقف ممثلي الشعب المغربي المتشبث بوحدة أراضيه، وبكون الأقاليم الجنوبية جزءا لا يتجزأ من المملكة المغربية.
وعلى الرغم من انتقاد تأخر هذه الأحزاب وباقي مكونات المجتمع المدني كالنقابات والمنظمات الحقوقية والأهلية في الاستجابة للخطر المتمثل في توالي الاعتراف بالجمهورية الوهمية في الدول الاسكندنافية، كون توصية البرلمان السويدي قد صدرت منذ عامين، وكون التحضير لها عبر أنشطة الجماعات المرتبطة بالبوليساريو قد بدأ قبل ذلك بكثير، إلا أن الترحيب واجب بمثل هذه المبادرات التي تشكل عصب “الدبلوماسية الموازية”. ترحيب لا يجعلنا نغفل عن التنبيه إلى بعض الملاحظات السريعة:
- لا يمكن القبول بعد اليوم، ونحن نستشعر خطر حركة خصوم الوحدة الترابية للمغرب على صعيد القارة الأوروبية، بأن يبقى نشاط الأحزاب والنقابات والهيئات الأهلية المغربية موسميا، بل يجب عليها من الآن تنظيم زيارات مماثلة للدنمارك والنرويج، قبل الانتقال إلى دول أوروبية أخرى ليست بمنأى عن توصيات برلمانية مماثلة، ولم لا، قرارات صادمة لن يفيد تجاهها الشجب والتنديد.
- نعرف أسماء رؤساء الوفود التي زارت وستزور السويد، وهي أسماء خلت، على حد علمنا، من أي قيادي من الأقاليم الجنوبية. من المهم تفادي هذا الأمر في الأنشطة الدبلوماسية المقبلة، لأن أبناء الصحراء أكثر إقناعا عندما يتعلق الأمر بتبيان عمق انتمائهم للوطن الأم.
- أنشطة الدبلوماسية الموازية، يجب أن تمتد لتشمل الأنشطة الاجتماعية والفنية، مع توسيعها لتشمل التعريف بكل ما هو إنساني وجميل وغني في هذه المملكة المغربية العريقة. وهو الأمر الذي يمتد ليشمل التعريف بمناطقها ومؤهلاتها السياحية، أدبها، صناعاتها التقليدية، مطبخها، وغيرها من أوجه الحياة الغنية بالمغرب، فهذا التعريف هو وحده الكفيل بإعطاء قضية الوحدة الترابية البعد الإنساني الذي تحتاجه.
- يجب إيلاء أهمية قصوى لأبناء الجالية المغربية المقيمة في هذه الدول الأوروبية. فهؤلاء أشخاص يتقنون لغة البلاد التي يقيمون فيها، بل ويحمل معظمهم جنسياتها، وينخرطون في مجتمعاتها، ولديهم من الانتماء لوطنهم الأم ما يجعلهم يتجندون مستنفرين عندما تحتاجهم بلادهم، لاسيما إذا تحولت العلاقة بهم إلى دائمة وليست موسمية !
- أخيرا، يجب أن تتكثف أنشطة المجتمع المدني المهتمة ببيان زيف الادعاءات التي يطرحها خصوم الوحدة الترابية للمغرب داخل مختلف الدول الأوروبية، وأن ينتقلوا من موقع الدفاع إلى الهجوم بالتركيز على السجل الإجرامي لجبهة البوليساريو، ومنعهم الأمم المتحدة من إحصاء الصحراويين في مخيمات العار في تيندوف والحمادة، بل ومنع المحتجزين من أهلنا في المخيمات من زيارة ذويهم في الأقاليم الجنوبية للملكة، مع التعريف بماضي انتهاكاتهم لحقوق الإنسان، وصلاتهم مع شبكات التهريب والجريمة المنظمة في إفريقيا جنوب الصحراء.
كخلاصة، فالقضية الوطنية تحتاج تضافر جهود الجميع في المغرب وفي أوساط الجالية المقيمة بالمهجر، بل والعرب المؤمنين بعدالة القضية الوطنية المغربية وخطورة العبث بها، وهي تتطلب من الجميع تجندهم وانخراطهم الدائم لمواجهة الجهود المضادة لخصوم الوحدة الترابية، وهي مهمة تتجاوز قدرات الهيئات الدبلوماسية في بلدان القارة العجوز، وتحتاج بالأساس لأن يصبح هذا النشاط الوطني دائما لا موسمي، فهل نرى تحققا لهذه الرؤية في المدى المنظور؟