غارسيا ماركيز: الموت لايأتي بفعل الشيخوخة بل بالنسيان

توفي أمس الخميس،الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز في منزله بالعاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي، عن عمر يناهز 87 عاما. وهو روائي عالمي اشتهر بخياله الفياض وبإبداعه  المتجدد.
ويعتبر غارسيا ماركيز من أعظم المؤلفين باللغة الإسبانية على مر العصور.
واشتهر المؤلف برواية “مئة عام من العزلة”. وقد بيع أكثر من 30 مليون نسخة من الرواية التي نشرت في عام 1967.
وحصل غارسيا ماركيز في عام 1982 على جائزة نوبل في الأدب.
وفي الآونة الأخيرة تم نقله إلى المستشفى حيث تلقى علاجا من التهاب في الرئة والمسالك البولية.
وعاش غارسيا ماركيز 30 عاما في المكسيك، لكنه لم يظهر في مناسبات علنية في السنوات القليلة الماضية إلا نادرا.
ومنذ نحو عامين، أعلن أخوه الأصغر جايمي لأول مرة أن غارسيا ماركيز أصيب بالخرف وأنه توقف عن الكتابة.
 وكان الفقيد  قد خط رسالة إلى محبيه من على فراش المرض، قبل أن يعصف الهذيان بإدراك دماغه.
الراحل ودع الحياة، أمس الخميس، وهو الذي بالكاد اختتم 87 سنة من العمر كانت انقضت في 6 مارس 2014، لكن رسالته “لا تنتظر أكثر..” التي كتبها منذ نحو أربع سنوات، أوحت للعالم ومحبيه أن نهاية الرجل على الأرض أزفت مع امتداد لـ”مائة عام من العزلة” و”الحب في زمن الكوليرا” وغيرهما من الروايات التي تشهد على روائي وصحفي وناشط سياسي كولومبي منقطع النظير. ومما جاء في رسالة غارسيا ماركيز:
“لو شاء الله أن ينسى أنني دمية، وأن يهبني شيئاً من حياة أخرى، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي. ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه.
سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور. سوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام.
لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة وأستلقي على الأرض، ليس فقط عاري الجسد وإنما عاري الروح أيضاً.
سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق. للطفـل سـوف أعطي الأجنحة، لكنني سأدعه يتعلّم التحليق وحده. وللكهول سأعلّمهم أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان. لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر…
تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أن سرّ السعادة تكمن في تسلقه. تعلّمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرّة الأولى فذلك يعني أنه أمسك بها إلى الأبد. تعلّمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف.
تعلمت منكم أشياء كثيرة! لكن، قلة منها ستفيدني، لأنها عندما ستوضب في حقيبتي أكون أودع الحياة. قل دائماً ما تشعر به، وافعل ما تفكّر فيه. لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة التي أراكِ فيها نائمة لكنت ضممتك بشدة بين ذراعيّ ولتضرعت إلى الله أن يجعلني حارساً لروحك.
لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التي أراك فيها ، لقلت ” أحبك” ولتجاهلت، بخجل، أنك تعرفين ذلك. هناك دوماً يوم الغد، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير، أحب أن أقول كم أحبك، وأنني لن أنساك أبداً. لأن الغد ليس مضموناً لا للشاب ولا للمسن.
ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبهم. فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي ولا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة، أو أنك كنت مشغولاً كي ترسل لهم أمنية أخيرة.
حافظ بقربك على مَنْ تحب، اهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمك، سامحني، من فضلك، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفها. لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *