يقول الأستاذ حسين فنطر بأن كركوان هي بلدة قرطاجية صغيرة سكن فيها الأمازيغ مثلها مثل جميع البلدات الأمازيغية القرطاجية الأخرى و هي الأثر البوني الوحيد الموجود في تونس و هذا ما يثير تسائلا حول الحضور القرطاجي في البلاد التونسية .و كركوان سكنت بالأمازيغ بين القرنين السادس و الثالث قبل الميلاد فهوجمت مرتين من قبل الرومان . المرة الأولى سنة 310 ق.م و من ثم في 256 ق.م و الهجمة الثانية هي اللّتي كانت السبب في إزالة هذه البلدة فهرب سكانها المتبقيون نحو الغرب و احتموا بالهضاب فتحصنت المدينة تحصينا طبيعيا رغم أن مدينتهم كانت بالأسوار إلا من جهة البحر و هذا ما كان نقطة ضعف لهم أما في قريتهم الجديدة فاختاروا مكانا غير معمرا أطلقوا عليه تامزراط و هو نفس إسم كركوان القديم و تمزراط تعني الغرس و إلا اليوم عندما تذهب نحو كركوان من جهة قليبية تعترضك لافتة توجهك نحو الغرب مكتوب عليها تمزرط و مازال أحفاد القرطاجيين المظدهدين إلى اليوم يسكنون في القرية اللّتي فرّوا إليها و نذكر بأن الجهة الشرقية كلها كانت تسمى تامورت ن تامزراط أي بلاد تمزراط و عاصمتها تمزراط القديمة أي كركوان و في أوائل الخمسينات وجد عامل عند معمر فرنسي بالصدفة هذا الموقع فإثر الحفر بالفأس إعترض طريقه صخر و عندما نادى المعمر جاء و بدوره جلب سلطات مختصة لتكشف هذا الموقع الجميل و الفريد من نوعه و بلدة كركوان كان يقدر عدد سكانها بحول 1500 (ألف و خمسمائة) نسمة و تعاطت النشاط التجاري خاصة مع اليونانيين من جهة البحر و مع أبناء جلدتها من الأمازيغ في جهة البر و صدرت المدينة منتجات صناعية مثل الجير و ذلك لاكتشاف أفران يصنع فيها الجير بالإضافة لاكتشاف حوانيت تجارية و ساحة صغيرة تتوسط البطحة و تقسيم شطرنجي و هذا النمط هو نمط بربري صرف مازلنا نلحظه في قرانا إلى اليوم. و أما البيوتي فهي مجهزة بحمام و فرن كوشة طابونة بنفس الشكل الموجود إلى يومنا هذا و يوجد نموذج منه داخل متحف الموقع و البيوت إذا قارنها بالبيت البربري فسنجد إختلافا واحدا و هو إنعدام الفسحة الداخلية المسماة بالحوش و ضيق البيوت أما متحف الموقع فهو مليء بالموجودات من ذهب إلى أواني يونانية و بربرية و بالإضافة إلى تماثيل صغيرة للآلهة الأمازيغية مثل تانيت و آمون ذو رأس و إلاه آخر ذو رأس خنزير لم أتعرّف إليه و هنا المطلوب من الإخوة المختصين في الميثيلوجيا التعريف به و عدة آلهة أخرى و سواقي الدم اللتي كان يجري فيها دم الأطفال القرطاجيين بعد ذبحهم للتضحية بهم و نموذج لمرأة محنطة و ما أثار الإندهاش هو لباسها الأمازيغي أي الملية اللّذي مازال حاضرا بقوة في البلاد التونسية و تماثيل نذكر منها رأسين لشخصين يرتديان قبعة مازالت موجودة في السوس في المغرب الأقصى و امرأة تمسك بيدها البندير
يوجد الموقع الأثري” كركوان” في الوطن القبلي بين” قليبية” و” الهوارية” و هو موقع يعود تأسيسه إلى العهد البوني ولأنّ
الرومان لم يعيدوا بناءه بعد ضمّ أفريكا إلى الإمبراطورية الرومانية، فإن الموقع فضاء حضري لمدينة صغيرة لها خصائص بونيّة صرفة.
ولقد هجرت هذه المدينة على ما يبدو بعد تهديمها من طرف القنصل الرومانيّ أتيلوس ريغولوس سنة 256 ق.م، فهرب سكانها المتبقون نحو الغرب و احتموا بالهضاب فاختاروا مكانا أطلقوا عليه تامزراط و هو نفس إسم كركوان القديم و تمزراط تعني الغرس. قبل أن تكتشف المدينة مجدّدا عن طريق الصدفة في بداية خمسينات القرن العشرين.
كانت كركوان مدينة ساحليّة ولذلك جهزت بميناء بقيت منه بعض الأجزاء. ومن المفروض أنّها كانت تتعاطى التجارة مع موانئ أخرى متوسّطية وأنها كانت تصدّر منتجات فلاحيّة وكذلك صناعيّة، مثل الأقمشة المصبوغة بالأرجوان، إذ اكتشفت منشآت لصنع هذه المادّة قرب الميناء، وكذلك حوانيت حيّ تجاريّ.
فبلدة كركوان تعاطت النشاط التجاري خاصة مع اليونانيين من جهة البحر و مع أبناء جلدتها من الأمازيغ في جهة البر و صدرت منتجات صناعية مثل الجير و ذلك لاكتشاف أفران تصنع فيها هذه المادة بالإضافة لاكتشاف حوانيت تجارية و ساحة صغيرة تتوسط البطحاء.أما البيوت فهي مجهزة بحمام و فرن بنفس الشكل الموجود إلى يومنا هذا و يوجد نموذج منه داخل متحف الموقع و البيت الكركواني مقارنة بالبيت البربري يختلف في انعدام الفسحة الداخلية المسماة بالحوش وكذلك في ضيق مساحته .
أما المتحف الصغير في مدخل الموقع الأثري بكركوان الذي يمتاز بكونه الوحيد الذي نعلم أنه لم يبن ثانية بعد خرابه في القرن الثالث ق.م، و بالتالي فهو الوحيد الذي يعطينا فكرة صحيحة عن المدينة البونية.
و إذا كان الموقع يعكس صورة مدينة بونية، فإن المتحف يكشف لنا عن مظاهر عديدة من الحياة اليومية و الأنشطة الاقتصادية و التجارية للمدينة و حياتها الروحية، إلخ… من خلال اللقى التي عثر عليها مردومة تحت الأنقاض أو مودعة في القبور.
و بالطبع فإن جل المجموعات بونية، و لكن توجد في المتحف أيضا آثار متأتية من بلدان متوسطية عديدة: من اليونان بالنسبة إلى اللقى الزخرفية ( أوان، مصابيح، إلخ…) و من مصر بالنسبة إلى المستلزمات الشعائرية ( أختام، تمائم، تماثيل صغيرة للتعبد، إلخ…). و أغرب من ذلك مجموعة المصابيح الرومانية التي يبدو أنها أخفيت، قبل خراب المدينة بستة قرون، في مخبإ مهيأ في ساحة منزل بوني.
و تتأتى بعض اللقى من حفريات أنجزت في المقابر البونية الكبرى المجاورة.
اقرأ أيضا
بعد نجاحهما في “ياقوت وعنبر”.. “زواج ليلة تدبيرو عام” يجمع ربيع الصقلي وفاطمة الزهراء قنبوع
بدأ المخرج المغربي حميد زيان تصوير مشاهد سلسلته الكوميدية الجديدة بعنوان “زواج ليلة تدبيرو عام”، …
حاتم عمور يسخر من قرار منع بث أغنية “بسيكولوغ” في بعض الإذاعات
أثار الفنان المغربي حاتم عمور جدلا بعد تعليقه الساخر على قرار عدم بث أغنيته الجديدة …
بسبب نقص الوقود.. مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل
أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها “بشكل عميق” بشأن سلامة المرضى والفرق الطبية بمستشفى كمال عدوان، لافتة …