“مصاصة الدماء” في الجامعة! مدربة تايوانية وراء واحدة من أغرب الفضائح الأكاديمية

الواقعة التي استمرت على مدار خمس سنوات، أكسبت المدربة لاحقاً لقباً غير رسمي تداوله الإعلام المحلي: “المدربة مصاصة الدماء”، نظراً للأسلوب الصادم الذي اتبعته في الضغط على الطالبات.

وبحسب وسائل إعلام تايوانية، فإن التحقيق الداخلي الذي أجرته الجامعة كشف  أن عمليات سحب الدم بدأت عام 2019 واستمرت حتى بدايات عام 2024، في إطار ما وُصف بمشروعات بحثية غير واضحة الأهداف.

وأظهرت الشهادات أن بعض الطالبات كنّ يُجبرن على التبرع بالدم أكثر من مرة يومياً، تحت تهديد فقدان العلامات الأكاديمية، فالتبرع لم يكن اختيارياً، بل شرطاً غير معلن للتخرج، ما دفع بعض الطالبات للامتثال خوفاً من الإقصاء.

وأوضحت إحدى الطالبات أنها خضعت لسحب الدم أكثر من 200 مرة، حتى باتت عروقها غير صالحة للسحب، ما اضطر الفريق الطبي -غير المتخصص- إلى محاولة استخراج الدم من رسغها بعد فشل المحاولات المتكررة في الذراع، ليصل المشهد حد الانهيار النفسي، بحسب وصف الطالبة.

وأثبت التحقيق أن من كان يسحب الدم لم يكن من الطاقم الطبي، بل طلاباً آخرين لا يحملون أي مؤهلات صحية، في مخالفة صارخة للبروتوكولات الأكاديمية والصحية.

كما تبين أن معظم العينات أُتلفت لاحقاً، بسبب سوء التخزين والتعامل، ما ألقى بظلال من الشك على الهدف الحقيقي من هذه “الأبحاث” المزعومة.

وفي بيان صدر يوم 19 يوليوز الجاري، أقرّت المدربة “تشو” بالواقعة، واعتذرت عن ممارساتها، قائلة إن نيتها كانت دعم الفريق في ظل نقص عدد اللاعبات وتعرضهن المتكرر للإصابات، كما اعترفت بأنها كلّفت طلاباً غير مؤهلين بسحب الدم من زميلاتهم.

الأستاذ الجامعي “تشن شيوه-تشي”، المسؤول عن أحد المشاريع البحثية، أبدى هو الآخر أسفه، قائلاً إن الهدف كان خدمة صحة الرياضيات، مُقراً بأن التنفيذ ألحق ضرراً نفسياً وجسدياً بالطالبات وعائلاتهن.

من ناحيته، قدّم رئيس الجامعة “وو تشينغ-تشي” اعتذاراً علنياً، مؤكداً أن الجامعة ستراجع آليات الرقابة الداخلية وبروتوكولات الأخلاقيات، عقب ما وصفه بـ”الخلل المؤسسي الخطير”.

أما وزارة التعليم التايوانية فقد دخلت على خط الأزمة، وأعلنت فتح تحقيق شامل في القضية، كما تدرس رسمياً سحب رخصة التدريب من المدربة.

ويرى أكاديميون أن سكوت الطالبات طوال هذه الفترة يعود إلى ما يُعرف باسم “ثقافة الطاعة” المنتشرة بشدة داخل المؤسسات الرياضية والتعليمية في تايوان.

وتُعد المدربة “تشو” من أبرز نجمات كرة القدم السابقة في تايوان، وهو ما جعل من الاعتراض على أوامرها شبه مستحيل.

ووصف البروفيسور “يو جون-وي” من جامعة تايوان للرياضة القضية بأنها نموذج صارخ “لتغوّل السلطة في البيئة الرياضية”.

ورغم استمرار الممارسة لسنوات، بقيت القضية طي الكتمان حتى نونبر 2024، حين أثارتها النائبة “تشن بي-يو” في البرلمان، متحدثة عن إجبار الطالبات على الخضوع لثلاث عمليات سحب دم يومياً على مدى 14 يوماً متتالياً، ضمن دورات متكررة، وسط تهديدات أكاديمية مباشرة.

الجدير بالذكر أن القضية لم تُغلق بعد، حيث ما زالت التحقيقات جارية، وسط مطالبات بمحاسبة كل من شارك أو تستر على هذه الممارسات.