هل تؤثر المورثات على الميول الإجرامية؟ هذا هو سؤال مثير للجدل في الأوساط العلمية.
في الماضي، أفاد العلماء بعدم وجود صلة بين الميول الإجرامية والوراثة، مؤكدين أن السلوك الإجرامي يعتمد على البيئة والتربية والظروف المحيطة، وأن الجينات ليست لها دور في ذلك.
لكن الدراسات الحديثة قد قلبت هذه النتائج رأسًا على عقب بحسب “عربي بوست”، حيث أظهرت أدلة تشير إلى أن العوامل الوراثية تلعب دورًا هامًا في تشكيل السلوك الإجرامي للأفراد. تُعتقد الآن أن بعض الجينات تلعب دورًا في نقل “السلوك العدائي” من الآباء إلى الأبناء، مما يمكن أن يجعل شخصًا ما عدائيًا تجاه المجتمع منذ الطفولة وينتج عن ذلك سلوك إجرامي وميول نحو العنف.
دراسات أُجريت على تصنيف السلوك المعادي للمجتمع أشارت إلى وجود ثلاث مجموعات مختلفة: المجرمين الدائمين منذ الطفولة، المجرمين خلال فترة المراهقة، والممتنعين عن الجريمة. وأوضحت الدراسات أن العوامل الوراثية تلعب دورًا أكبر لدى المجرمين الدائمين منذ الطفولة بالمقارنة مع المجرمين خلال المراهقة، حيث تتأثر المجرمين خلال المراهقة بشكل أكبر بالعوامل البيئية.
تحليل الجينات أظهر وجود جينين مرتبطين بجرائم العنف هما “جين MAOA” و”adherin 13 CDH13″.
وجد الباحثون أن الجين MAOA الموجود في كروموسوم X يرمز إلى إنزيم أحادي الأمين أوكسيديز A، والطفرات في هذا الجين قد تؤدي إلى سلوك عدواني. بالإضافة إلى ذلك، وجد أن جين CDH13 مرتبط أيضًا بجرائم العنف وبعض الحالات المرضية الأخرى مثل اضطراب نقص الانتباه/فرط النشاط (ADHD) وتعاطي المخدرات والكحول.
على الرغم من الدور الوراثي المحتمل في السلوك الإجرامي، إلا أن البيئة المحيطة لا تزال تلعب دورًا كبيرًا في تحديد ميل الشخص نحو الجريمة. فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يحملون ميولًا إجرامية وراثية قد يمنعهم البيئة من التوجه نحو الجريمة أو تقليل ميولهم الإجرامية. وبالمثل، هناك أطفال لا يحملون ميولًا إجرامية وراثية، لكن قد تجعلهم البيئة المحيطة ينجذبون نحو الجريمة.
في النهاية، فإن وراثة الميول نحو الإجرام لا تعني بالضرورة أن الشخص سيتورط في أعمال إجرامية، بل تبقى العوامل البيئية والوراثية متشابكة في تحديد سلوك الفرد وتوجهه نحو الجريمة.