في تجربة جديدة، وصفها الباحثون بأنها الأكبر من نوعها، قام علماء بزراعة كُلى من خنازير معدلة وراثياً في قردة، عاشت لمدة عامين، وهي فترة زمنية تعتبر قياسية.
ويأمل العلماء أن تؤدي دراسة إثبات المفهوم الخاصة بهم، التي نشرت في مجلة Nature هذا الأسبوع، بالانتقال إلى التجارب البشرية قريباً.
وكان العلماء يبحثون عن بدائل، وأجرت فرق عدة من الباحثين تجارب لمعرفة ما إذا كانت أعضاء الخنازير يمكن أن تكون خياراً، إذ إنها تشبه من الناحية التشريحية الأعضاء البشرية، و الخنازير تتكاثر بسرعة.
وبالنسبة للدراسة الجديدة، اختار العلماء سلالة خنازير يوكاتان لأن وزنها مماثل لوزن المرأة الأمريكية المتوسطة، حوالي 68 كيلوغراماً، كما أن حجم كُليته مشابهة بالحجم لكُلى الإنسان تقريباً، وفقاً لشبكة CNN.
وقام العلماء بتعديل الخنازير وراثياً، بحيث يمكن نقل كُلاها إلى نوع آخر من الكائنات، ولتحسين فرص عدم رفض الأعضاء.
وحتى عندما يتبرع إنسان بعضو لإنسان آخر، يجب على المتلقي أن يتناول أدوية لقمع جهاز المناعة لديه بقية حياته حتى لا يرفض جسمه العضو المتبرع به.
وقال الباحثون إنه في تجارب التبرع السابقة من الخنازير إلى الرئيسيات، حتى تلك التي شملت الخنازير المعدلة وراثياً، كان على العلماء استخدام عدد كبير من الأدوية المثبطة للمناعة، ما يعني أن التجارب لن تكون قابلة للتطبيق على تجربة زراعة الأعضاء البشرية.
لكن مع هذه التجربة، كانت التعديلات الجينية فعالة بدرجة كافية لدرجة أنها لم تحتج إلا إلى كمية دواء يمكن أن يتحملها الإنسان.
وأشار الباحثون إلى أن ثلاثة تعديلات جينية في الخنزير كانت حاسمة. فقد أطاح أحدها بجزء من الجينات التي تصنع مستضدات الغليكول، وهي هياكل تتكون من جزيئات السكر التي يمكن أن تحفز جسم المتلقي على رفض الكُلية. وقد استخدمت فرق أخرى هذا النوع من التعديل الجيني، لكن الحيوانات المتلقية لم تعش لفترة طويلة.
وأوضح الباحثون الذين أجروا الدراسة الجديدة أن تعديلين جينيين إضافيين يبدو أنهما أساسيين لإطالة عمر القردة في هذه الدراسة.
وتَمثل التعديل الثاني بإدخال سبعة جينات بشرية تنظم مسارات رفض الكُلى. كما قام الباحثون أيضاً بتعطيل الفيروسات القهقرية الخنثوية، وهي بقايا الالتهابات الفيروسية القديمة الكامنة أو غير النشطة لدى الخنازير، لمنعها من أن تصبح نشطة بمجرد زرع العضو في نوع آخر.
ويبدو أن المزيج الكامل من التعديلات الجينية، إلى جانب الأدوية المثبطة للمناعة، يدعم ما اعتبره الباحثون البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل.
وقام الفريق بزراعة كُلى الخنازير في أكثر من 20 قرداً، رغم أنه لم يُخضع جميع الخنازير لكافة التعديلات الجينية.
ولم يتمكن أي من القردة التي حصلت على كُلى من الخنازير، بدون الجينات البشرية السبعة، من البقاء على قيد الحياة لأكثر من 50 يوماً.
أما القردة التي حصلت على التركيبة الكاملة، فقد عاشت لفترة أطول، خمسة منها عاشت لأكثر من عام، وعاش واحد لأكثر من عامين.
وأظهرت الاختبارات أن الكُلية الواحدة المتبرع بها تبدو وكأنها تعمل بشكل جيد مثل الكليتين الطبيعيتين.
ويعتقد الدكتور روبرت مونتغمري، مدير معهد لانغون لزراعة الأعضاء في جامعة نيويورك، أن التجربة الجديدة تعد «مساهمة مهمة لكُلى الخنازير المعدلة وراثياً في الرئيسيات غير البشرية تظهر تحسين البقاء على قيد الحياة على نطاق واسع».
ولفت مونتغمري إلى أن الدراسة الجديدة تمثل دعماً جيداً للانتقال إلى التجارب السريرية البشرية «عاجلاً وليس آجلاً». ومع ذلك، فهو يحذر من وجود بعض المخاطر النظرية، من حيث السلامة، في إدخال «مجموعة واسعة من التعديلات الجينية» التي أجراها مؤلفو الدراسة على الخنازير المانحة.
وكتب: «سيكون من الصعب تقييم التأثيرات غير المقصودة لهذه التعديلات والمستويات غير المتسقة من التعبير الجيني بين الخنازير، وستشكل تحدياً تنظيمياً مرهقاً».