أوجه التشابه والاختلاف بين اللواء حفتر والمشير السيسي

سعد الدين لمزوق
سياسة
سعد الدين لمزوق29 مايو 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
أوجه التشابه والاختلاف بين اللواء حفتر والمشير السيسي
356d0906a24ee61467368201060f8c6f - مشاهد 24

لم يكن من العبث قيام العديدين بإجراء مقارنات بين اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر والرئيس المصري الجديد المشير عبد الفتاح السيسي.
نقاط مشتركة تجمع الرجلين قد يكون من تداعياتها أن تسير كل من مصر وليبيا في اتجاه مماثل مع بعض الفروقات التي تحكمها اختلاف الأوضاع السياسية والأمنية في كلا البلدين.
حفتر يتخذ على ما يبدو من السيسي نموذجا يحتذى به في عدد من الأمور، وأولها أن اللواء اقتفى أثر المشير في السعي للقضاء على الإسلاميين بقوة الحديد والنار، بدعوى إنقاذ البلاد من خطر محقق ومن هيمنة المتطرفين، وهي حملة ظهر جليا أنها تخيف طموحات سياسية لكلا الرجلين في الوصول إلى السيطرة الكلية على مفاصل الدولة.
في حملته على الإسلاميين حاول السيسي شرعنة هجمته الشرسة بالحصول على “تفويض من الشعب”، وهو كلام باطل لأن ما حصل هو أن حصل على دعم جزء من الشعب للقضاء على جزء آخر لديه قناعات سياسية مختلفة.
وبالتالي حينما جاء الدور على حفتر لشن عملية التطهير ضد المليشيات الإسلامية استنجد بنفس الفكرة وروج لكونه “مفوضا من الشعب”. صحيح أن حفتر بدوره يحظى بدعم فئات قد مهمة من المواطنين وعناصر من الجيش والحكومة، إلا أنه لا يتوفر بدوره على غالبية الناس وهو في حربه المعلنة يواجه أفرادا لا يمكننا أن ننكر أنه مواطنون ليبيون، وبالتالي فإن عقلية اجتثات الخصوم التي توجد عند الرجلين لا تصب في مصلحة استقرار مصر وليبيا.
الأكيد أن مهمة السيسي كانت أسهل بحكم أنه كان، ولاشك ما يزال، على مؤسسة قوية هي الجيش المصري لها هيمنة كبيرة على مفاصل الدولة، فضلا عن اصطفاف الدولة العميقة إلى جانبه وجهاز الشرطة والقسم الأكبر من الإعلام. كما استفاد السيسي من تشويه صورة الرئيس محمد مرسي وتضخيم أخطائه من قبل الصحافة والمعارضين وفشل الإخوان المسلمين في إعطاء مؤشرات على إمكانية تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين خلال السنة التي تولوا فيها الحكم.
إلى جانب هاته النقط المذكورة لم يكن السيسي في مواجهة ميليشيات مسلحة بالقدر ما كان يواجه حركة سياسية ذات امتداد شعبي كبير، عمل هو والموالون له على محاولة القضاء عليها سواء عبر القتل المادي أو الرمزي أو من خلال تسخير القضاء لإصدار أحكام إعدام بالجملة أو السجن في حق مؤيدين للجماعة بينهم فتيات صغيرات.
بالمقابل، يقود حفتر مهمة أصعب في مواجهة ميليشيات مسلحة، في بلد كان يفتقر أصلا إلى مؤسسات للدولة ولجهاز حقيقي للشرطة والجيش، وأكثر من ذلك فشل في إرساء لبنات دولة حديثة بعد الإطاحة بالقذافي، وانخرط بالمقابل في دوامة من العنف والفوضى رهنت مصيره للمجهول.
عملية “الكرامة”، كما يسميها حفتر، قد لا تقود إلى إضعاف الإسلاميين وتحجيمهم في المعادلة الأمنية والسياسية في ليبيا، بل قد يكون من نتائجها غرق البلاد في مزيد من العنف الذي قد يتطور إلى حرب أهلية واسعة النطاق مثلما يحذر عدد من المراقبين.
فوز عبد الفتاح السيسي برئاسيات مصر ساهم في كشف النوايا الخفية لحفتر الذي قال الناطق باسمه، محمد الحجازي، في تصريح لوكالة الأناضول إن حفتر سيسير على نفس خطى السيسي إذا ما طالبه الشعب بالترشح للرئاسة.
مما يشترك فيه العسكريان كذلك هو الدعم الذي لاقته حملاتهما ضد الإسلاميين من قبل دول خليجية كالإمارات والسعودية، وهما دولتان محافظتان لهما حساسية مفرطة من شيء اسمه الإسلاميين وآخر اسمه الديمقراطية.
البلدان معا لم يكونا من المرحبين بهبوب رياح الربيع العربي، التي سارت بالمقابل كما تشتهي سفن قطر التي تراهن على دعم الإسلاميين في سياستها الخارجية، وإن كانت الإمارة الصغيرة بدورها تحتاج إلى تدعيم المسار الديمقراطي فوق ترابها أولا قبل دول الربيع.
اللافت للانتباه كذلك هو علاقة الولايات المتحدة بالرجلين معا، وإن كانت حكومة العم سام حاولت الترويج لكونها تأخذ مسافة منهما بحيث لم تدعم صراحة عمليتي السيسي وحفتر. بيد أن الأمر لا يبدو مقنعا بالنسبة لكثيرين خصوصا في ظل العلاقة الوطيدة التي تجمع بين الإدارة الأمريكية والجيش المصري، رغم الجدل الذي دار في الأوساط السياسية الأمريكية بخصوص وقف الدعم العسكري لمصر بعد الانقلاب على مرسي.
عدد من الليبيين لا يصدقون بدورهم أنه لا توجد قنوات تواصل بين حفتر والإدارة الأمريكية أو جهاز المخابرات والجيش الأمريكي، خصوصا وأن الرجل يحمل الجنسية الأمريكية ومكث سنوات بفرجينيا يتلقى تدريبات من أجل الإطاحة بالقذافي قبل أن يعود إلى ليبيا مع اندلاع الثورة في 2011 ليساهم في مساعي إسقاط العقيد.
في انتظار رؤية إلى  أي وجهة سيقود كلا العسكريين بلادهيما. ورغم الدعم الذي يحظى به الرجلين معا من قبل جزء من الشعب، وهو أمر لا يمكن إغفاله، يرى العديدون أن الربيع العربي تحول إلى “ربيع للجنرالات”، وأن عودة العسكر إلى قيادة المشهد السياسي مؤشر سلبي على إعادة إنتاج نفس الأنظمة التي خرج الشارع العربي قبل ثلاث سنوات للثورة عليها.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق