كثُر الحديث فى الجزائر وخارجها عن زيارتى كل من وزير الخارجية الأمريكى جون كيري، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، فى 2 و3 من أبريل الحالي، وذلك لتزامنهما مع الحملة الانتخابية، التى دخلت أسبوعها الثانى مصحوبة بعنف ومواجهات وهجوم من عامة الشعب، فى بعض الولايات، التى ترفض ترشيح عبدالعزيز بوتفليقة لعهدة رابعة.
عمليا، هناك مخاوف مشروعة من زيارتى كيرى والشيخ تميم بن حمد، عبر عنها بعض المرشحين للرئاسيات، خاصة رئيسة حزب العمال اليسارية «لويزة حنون»، إذْ نظر إليهما من زاوية دعم بوتفليقة، ما يعنى التأثير على سير الانتخابات الحالية، كما قرئتا من زاوية المؤامرة، وذهب بعض الكتابات الصحفية إلى أن زيارة كيرى على وجه الخصوص تخدم مصادر دولة كبيرة وعظيمة هى أمريكا، وتضر بمصالح دولة صغيرة وضعيفة ومتراجعة سياسيا هى الجزائر، على غرار ما جاء فى المقال اليومى فى صحيفة الخبر، الذى يحمل عنوان «نقطة نظام» للكاتب «سعد بوعقبة»، الذى يعد أهم صحفى فى الجزائر.
وبعيدا عن حسابات المرشحين وردود أفعال الجزائريين الرافضة لزيارتى كيرى وتميم فى هذا الوقت إلى بلادهم،فإن التوقعات التى طرحت بخصوص تلك الزيارتين، والتى منها: قيام الجزائر بواسطة للمصالحة بين قطر من جهة، وكل من السعودية والإمارات والبحرين من جهة ثانية، ليست صحيحة، فلا قطر سعت لذلك ولا الدول الخليجية الأخرى طلبت من الجزائر القيام بأى دور، إنما ذلك قول هزل، وإفك، وبهتان، وزور يروج له فريق بوتفليقة فى ظل حملة الانتخابات التى توشك على الافلات منه، خاصة بعد تسرب أخبار، فحواها: أن المؤسسة الأمنية ستلتزم الحياد، بل إنها لن تقبل بتزوير الانتخابات لمصلحة بوتفليقة. إذن لماذا تلك الزيارة ـ الأمريكوـ قطرية إلى الجزائر؟ .. ربما تكون الإجابة فى مقال بعنوان «الجزائر فى قلب الحرب الطاقة بين أوروبا وروسيا» للصحفى حفيظ صواليلي، نشر السبت الماضى (5 أبريل الحالي) فى جريدة الخبر، حيث ذهب إلى القول: «طمأن المفوض الأوروبى للطاقة «غونتر أو تنغر» من امتلاك الاتحاد الأوروبى لبدائل فى حالة تراجع الإمدادات الغازية الروسية، مشيرا إلى الجزائر والنرويج كأهم البدائل للرفع من الكميات المصدرة من الغاز للاتحاد فى حالة توقف الإمدادات الروسية، علما بأن أوروبا تعتمد على احتياطى استراتيجى يقدربـ 30 يوما وفقا للتعليمة الأوروبية،ولكن هنا كدول لاتتقيّد بهذه التعليمة، مما يضع البلدان الأوروبية فى موقع ضعف».
وهذا يعنى أن الولايات المتحدة جمعت بين قطر والجزائرـ جمعت بين الأختين بتعبير سعد بوعقبة ــ من أجل التصدى لروسيا ودعم دول الاتحاد الأوروبى بالغاز، بعد أن أبدى عدد من دوله مخاوفه من انقطاع الغاز الروسي، الذى يبلغ تمويله ما بين 30 و40 فى المائة، وإن كان التمويل الجزائرى ما بين 10 و12 % من الحاجة الأوروبية، هذا فى وقت أضحت قطر أيضا لاعبا أساسيا فى السوق الأوروبية باقترابها من النسبة الجزائرية التى عرفت تذبذبا خلال السنتين الماضيتين.
تبدو الأزمة الغربية ـ الروسية حول أوكرانيا حاضرة بقوة فى الانتخابات الجزائرية، وإن لم يتم الإعلان عنها، خاصة مصالح قطر فى أوكرانيا، تلك المصالح التى تم التأسيس لها منذ سنوات، فقد أشارت دراسة بعنوان (التعاون القطري- الأوكرانى فى مجال الطاقة: «خصوصياته وآفاقه»، للباحث فريد علوش، منشورة فى موقع مركز الخليج لسياسة التنمية»، إلى أن الدوحة وكييف عاصمتان، عمليًا لم تكونا يومًا من عِداد عواصم مراكز القوة، مثل بروكسل وموسكو وواشنطن، ولكن من المرجح أن تصبحا خلال العقد المقبل من أبرز اللاعبين تأثيرًا فى أسواق الطاقة فى العالم (الدراسة قبل الأحداث الأخيرة فى أوكرانيا).
وبناء على تلك الخلفية تحاول قطر اليوم تخفيف الضغط والحد من النفوذ الروسى على أوكرانيا، من خلال الاستجابة لمطالب الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عبر التحالف مع الجزائر فى هذا المجال، وعلى هذا الأساس أصبحت حاضرة فى المشهد الانتخابى الجزائري، ولكن هل تنجح الولايات المتحدة وقطر فى ضم الجزائر إلى التحالف الغربى ضد روسيا؟.
للجزائر علاقة مميزة مع روسيا خاصة فى المجال العسكري، لا يمكن اعتبارها حليفا إستراتيجيا لأن الجزائر لا تقيم سياستها الخارجية على التحالف، وإنما على الشراكة والتعاون فى مجالات محددة، كما لها أيضا علاقات تقوم على المصالح المباشرة فى مجالى النفط والغاز مع دول الاتحاد الأوروبي، وستستمر تلك العلاقة بما يخدم مصالح الطرفين، لكن أن تتحول إلى ممول رئيس لأوروبا بالغاز أو منافس لروسيا فهذا غير ممكن من الناحيتين العملية والسياسية، وبالتالى ما تسعى إليه الولايات المتحدة لن تحققه من خلال الجزائر رغم الضغوط التى تمارسها فى الوقت الراهن، ومن يدري، قد تكون زيارتا كيرى وتميم من بين الاسباب التى ستساعد على انتهاء عهد بوتفليقة، كما قد يكون ذلك اللقاء الأخير بينهما حتى لوفاز بوتفليقة،لأن أمير قطر يفقد أخوة وحلفاء وأصدقاء، ولا جدوى من ذهابه بعيدا فى تحالفات دولية.. إلى أوكرانيا والاتحاد الأوروبى.
“الأهرام”
اقرأ أيضا
حدث في 2024.. حكومة عزيز أخنوش في صيغة جديدة
من بين الأحداث السياسية البارزة بالمغرب والتي ميزت سنة 2024، إجراء تعديل حكومي همّ وزارات حيوية بالمملكة، ما من شأنه أن يضخ دماء جديدة في عمل الحكومة.
بمشاركة المغرب.. مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب يعقد اجتماعه بالرياض
شاركت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، اليوم الإثنين بالرياض، في أشغال …
مزور يعرض حصيلة دعم مشاريع الشباب وتنمية روح المقاولات
أعلن رياض مزور وزير الصناعة والتجارة، إطلاق مشاريع تهدف إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب. وأبرز …