هشاشة السلطة وهشاشة المعارضة

يمكن القول بأن التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية في الجزائر هي كل مبني ومتسلسل أو هي نسق من العلاقات والصلات الرابطة بين مختلف المستويات أو العناصر المكونة لها. ولا تتجلى هذه البنى إلا من خلال وقائع أو علاقات بشرية عيانية. فالبنية المسيطرة في الجزائر في يومنا هذا هي واقعية في الحقيقة وتنحدر في سلسلة من الأحداث والوقائع بدأت أثناء الحركة الوطنية، ثم أثناء حرب التحرير ثم في فترة الاستقلال ثم أثناء المرحلة الاشتراكية (البومدينية) ثم مع انتفاضة أكتوبر 1988، ثم مع الفترة الإرهابية، فالانفتاح الاقتصادي وتنصيب اللبرالية المتعجرفة التي تصدر الرشوة، أساسا. فالسلطنة البوتفليقية التي دامت خمس عشرة سنة وستدوم بضع سنوات أخرى.. إلخ، إلا أن هذه البنية لا تتجلى إلا في الناس وخاصة في علاقاتهم وأفعالهم العلنية. فإذا فصّلت هذه العلاقات واختزلت في كلية مستقلة ذاتيا دون أن يؤخذ بعين الاعتبار أنها نتاج الممارسة السياسية الطويلة التي دامت قرنا كاملا، فإنها تتحول إلى مجرد تجريد وإلى هراء في الصحراء.
وعلى النحو ذاته، فإن الأفراد المرموقين وأفعالهم داخل مجتمع معين وكذا الوقائع التاريخية (انقلاب 19 جوان 1965، مثلا!) المرتقبة وغير المرتقبة عن البنى المكونة لها، بطريقة إجبارية من طرف كتلة سياسية معينة (السلطة / المعارضة)، تقوم بمثل هذه السلوكات للدفاع عن سلطانها ومصلحتها (ترسيخ نوع من الرأسمالية البداهية) فتتصرف هكذا (أو تعرقل، أي تستحوذ على الجاه والمال وتبتز أموال الشعب) وتعرقل مجرى التاريخ.
وهذه الكلية الخاطئة التي تفرض الكل في مواجهة العناصر المكونة له، هي كلية مجردة تصل إليها الشعوب بتجاهلها لطابعها التاريخي المحض، أي بطابعها الإجباري والحتمي مهما كانت المراوغات والمماطلات من طرف طبقة أو فئة معينة تحاول فقط ربح الوقت بكيفية تكاد تكون تطيرية، مثلما هو الأمر في كل البلدان المتخلقة اقتصاديا وسياسيا (أي ذهنياǃ).
وينطبق هذا التحليل اليوم وفي الجزائر على السلطة وكذلك على المعارضة التي هي كذلك تريد ربح الوقت لتثمين أصحاب المال والمرتشين و”المافيات” المختلفة والمتكاثرة، لأن وراء السلطة ووراء المعارضة مصالح مالية ومادية محضة تحركها فئات لا تريد إلا مصلحتها الخاصة (الفئات الملهوفة).
وعندما نشاهد أثناء هذه الفترة الانتخابية أفكار علي بلحاج تعانق أفكار السعيد سعدي (تجمع قاعة حرشة) وبروز بعض الأشخاص الذين مارسوا السلطة (السيدان بن بيتور وعبد العزيز ديابي مثلا) وأصبحوا اليوم من أبرز المدافعين عن الديمقراطية والمواطنة وأشياء أخرى من هذا القبيل، وعدم وجود فضاء يساري يدافع عن العدالة الاجتماعية وينبذ الطبقات الثرية، بطريقة واضحة وجلية (هل حزب لويزة حنون الذي زكى ميثاق سانت ايجيديو عندما كان الشعب يئن تحت سطوة الخنجر الإسلامي الدموي، يدافع حقا عن حقوق الناس البسطاء؟).
هنا يختلط الحابل بالنابل وتبرز هشاشة السلطة والمعارضة ويبقى الشعب يتفرج على فرجة “الڤراڤوز”.
“الخبر” الجزائرية

اقرأ أيضا

المفتي العام للقدس يشيد بالدعم الذي يقدمه المغرب بقيادة الملك لدعم صمود الشعب الفلسطيني

أشاد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، اليوم الأحد …

المنتدى المغربي الموريتاني يرسم مستقبل تطور العلاقات بين البلدين

أشاد المنتدى المغربي الموريتاني، باللقاء التاريخي بين الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ …

مكسيكو.. مشاركة مغربية في مؤتمر دولي حول حماية البيئة

شارك الأمين العام لحزب الخضر المغربي ورئيس أحزاب الخضر الأفارقة، محمد فارس، مؤخرا بمكسيكو، في مؤتمر دولي حول حماية البيئة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *