عندما انقلب الفريق عبد الفتاح السيسي، على حكم جماعة الإخوان المسلمين، وسحل الدكتور محمد مرسي، من قصر عابدين، إلى سجن برج العرب بالإسكندرية، قال وكرّر، وكاد يقسم أمام العالم بالله العظيم، بأنه لا يطمع في السلطة، ولن يحكم مصر، وإنما جاء لينقذ أم الدنيا من هول الدنيا الإسلامي، الذي صورّه إرهابا في رابعة العدوية، وانقلب على رابع رئيس مصري، وحمل الناس بعض الأمل، وصدّقوا هذا الذي لبس بزة عسكرية، ورسم نفسه شهيدا على قيد الحياة، ومرّت الأيام ودارت الأيام، وترشح للرئاسيات، ولا ندري إن كان هناك عاقل، سيصدق برامجه، وهو الذي قال مرّة إنه لن يقود البلاد، وسيقودها.
وعندما ألقى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، آخر خطاب في مساره السياسي، في ذكرى الثامن من ماي، وصاح واحدة من روائع إعترافات الرؤساء الجزائريين: “طاب جنانا”، وهو محتفظ بزفرات وشهقات من صوته الجهوري، الذي أضاع الآن شحناته نهائيا، ولم يعد يُسمع مدلسي فما بالك بـ 38 مليون نسمة، ومحتفظ بحركات يديه وقوة بصره الذي ما عاد يظهر، إلا وقطّع الأوصال، شفقة على صحة رجل صال وجال في كل الأمصار، وحمل الكثيرون بعض الأمل، وأطلقوا تنهيدة وصول الحكم، لأول مرة لشباب، اتهموه دائما زورا، بأنه ابن الاستقلال، ومرّت الأيام وترشح للعهدة الرابعة، التي لن تنتهي، إلا وقد أصبح أكبر رؤساء المعمورة سنا، وأحد أكبر الرؤساء في تاريخ البشرية، ولا ندري إن كان هناك عاقل، سيصدق بأن المشعل الذي تهاطلت عليه أمطار وأعاصير الدنيا سيُسلّم لشباب الاستقلال الذين دخلوا عالم التقاعد، وفي حالة ما بعد رابعة العدوية وحالة العهدة الرابعة، مبرّر واحد، وهو الاستجابة لطلب الملايين من “الشعب العظيم” في مصر وفي الجزائر.
ولأن التاريخ يعيد نفسه، ولو بلمسات شكلية طفيفة، فإن الرئيس جمال عبد الناصر المتسبب الأول في نكسة 1967، عندما نسفت “كمشة” من الصهاينة “القدرة” العسكرية للجيش المصري، في ستة أيام، قدم استقالته في أحسن إجراء قام به الراحل، ثم عاد ليحكم بعد ساعات، بحجة أن الشعوب العربية التي أخرجوها بأمر منه إلى الشارع، ترجته للعودة، وكان بومدين يطلق المشاريع الفاشلة، مثل الثورة الزراعية التي قضت على الريف وعلى الفلاحة، ثم يُقنع نفسه بأن الشعب حكم بنجاحها، والنتيجة أن شعوبا في أمريكا الوسطى وإفريقيا وغرب آسيا، تطورت سياسيا وارتقت اقتصاديا وتحرّرت من التبعية العلمية والثقافية والغذائية، وشعوبا أخرى، مازالت تراوح مكانها، بعضها تعيش من بترول الجيران المُقدم لها كهبة، وآخرون بصدد تجفيف آبارهم، من أجل أن تبقى أنظمة الحكم تمارس ساديتها، في شبه مرض مزمن، وغير قابل للشفاء.
ستفرز ما بعد رابعة مصر أول رئيس في عام 2014 وما بعده، يحكم بالانقلاب العسكري، الذي أكل عليه الدهر وشرب وترك فضلاته، وستفرز رابعة الجزائر رئيسا ينافس الرئيس الزيمبابوي موغابي الذي أغلق خمسة وعشرين سنة حاكما، برغم مقاطعة العالم له، وفي كلتا الرابعتين نتذكر ما قالته المتصوفة رابعة العدوية: “إني لأرى الدنيا ساكنة وحدها في قلوبكم”؟
“الشروق” الجزائرية
اقرأ أيضا
البام يطلق “أيام الأبواب المفتوحة” لترتيب البيت الداخلي وفتح باب الحوار
أطلق حزب الأصالة والمعاصرة النسخة الأولى من “الأبواب المفتوحة”، منذ بداية الشهر الحالي. ويعقد حزب …
بسمة بوسيل تفرج عن أغنيتها الجديدة “قادرين يا حب”
طرحت الفنانة المغربية بسمة بوسيل، عبر قناتها الرسمية بموقع رفع الفيديوهات “يوتيوب”، أحدث أغانيها الجديدة …
الحديث عن مصالحة مغربية إيرانية يقض مضجع عسكر الجزائر
قض تداول الحديث عن وساطة خليجية لمصالحة بين الرباط وطهران مضجع جنرالات قصر المرادية، خاصة بعد تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية إسماعيل بقائي، التي أكدت هذه المساعي.