في خطوة دبلوماسية تحمل العديد من الدلالات، أعلن الملك محمد السادس، في خطاب موجه إلى القمة العربية الرابعة والثلاثين ببغداد، عن قرار إعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق.
وجاء في الخطاب الملكي الذي تلاه قبل أيام وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إن “المملكة المغربية تجدد التأكيد على موقفها التاريخي الثابت، والذي سبق وأن عبرنا عنه في رسالتنا لأخينا فخامة الرئيس أحمد الشرع، والمتمثل في دعم ومساندة الشعب السوري الأبي لتحقيق تطلعاته إلى الحرية والأمن والاستقرار، والحفاظ على الوحدة الترابية لسوريا وسيادتها الوطنية”.
وزاد “وتجسيدا لهذا الموقف إزاء أشقائنا في سوريا، ودعما لهذا المسار الواعد، فإن المملكة المغربية قررت إعادة فتح سفارتها بدمشق، التي تم إغلاقها سنة 2012، مما سيساهم في فتح آفاق أوسع للعلاقات الثنائية التاريخية بين بلدينا وشعبينا الشقيقين”.
ولقيت الخطوة المغربية ترحيبا رسميا من الجانب السوري، حيث عبر أسعد الشيباني، وزير الخارجية السوري، عن شكر وامتنان بلاده للمبادرة الملكية.
وأكد الشيباني، أن العلاقات المغربية السورية جيدة للغاية، “ونشكر صاحب الجلالة والحكومة المغربية على الاهتمام بتنمية هذه العلاقات التي نطمح أن تكون متميزة اقتصاديا واستثماريا في العالم العربي”.
قال عبد الرحمان مكاوي، الخبير في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية، إن إعلان المغرب عن إعادة فتح سفارته في العاصمة دمشق يُعبّد الطريق أمام نظام أحمد الشرع بسوريا للاعتراف بمغربية الصحراء.
وأضاف مكاوي ضمن تصريح لـ”مشاهد24″، أن الرباط تسعى إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات مع النظام السوري، والذي أعطى إشارات إيجابية لدعم الوحدة الترابية للمملكة منذ وصوله إلى السلطة. لافتاً أن قرب نظام الشرع من دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات وقطر يخدم مصلحة المغرب.
وبالنسبة للمتحدث، فإن ما يأخر الاعتراف السوري بعض الشيء هو أن دمشق مازالت منشغلة بترتيب بيتها الداخلي وتنقية أجواءها السياسية والحقوقية وتسوية بعض الملفات الحساسة مثل قضية الجنود الجزائريين وبعض عناصر “البوليساريو” المحتجزين منذ شهور لدى سوريا.
وفشل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق، في إقناع الرئيس الشرع بالإفراج عن الجنود.
ووفق تقارير إعلامية دولية شارك بعض هؤلاء الأفراد في عمليات ميدانية بالقرب من مدينة حلب، حيث أُسر عدد منهم من قبل مجموعات موالية لدمشق، عقب خلافات داخلية بين المقاتلين الأجانب.
وفي سياق آخر، أكد مكاوي، أن العلاقات المغربية السورية ليست وليدة اليوم وإنما تربط البلدين علاقات تاريخية، مبرزاً أن قرار إعادة فتح السفارة يحمل دلالات عديدة.
وأوضح الخبير في الشؤون الدولية أن هذا القرار يمثل خطوة هامة نحو تطبيع شامل للعلاقات بين البلدين، مؤكداً أن المملكة تسعى إلى تعزيز حضورها بالمنطقة في ظل التحولات الإقليمية والدولية.
وبالنسبة لمكاوي فإن سوريا ترى في المغرب ورقة رابحة، إذ يسعى النظام السوري الجديد من الاستفادة من مكانة المملكة الدولية لتهدئة الأوضاع بالمنطقة ومنع الجانب الإسرائيلي من التصعيد، إلى جانب الاستفادة من تجربة المغرب في تنقية الأجواء السياسية والحقوقية عبر استنساخ تجربة هيئة “الإنصاف والمصالحة” لطي صفحة الماضي، وتزويد السوريين بخبرات في المجال الصناعي والفلاحي.
وشدد المتحدث، على أن المغرب يبعث اليوم بإشارة واضحة مفادها أنه يريد دعم مسار الاستقرار في سوريا.
مشاهد 24 موقع مغربي إخباري شامل يهتم بأخبار المغرب الكبير