انطلقت اليوم الأربعاء، أشغال القمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال بمراكش، بالاحتفاء بالمرأة المقاولة عبر تنظيم يوم خاص للنساء المقاولات، و ذلك بمشاركة مئات النساء المقاولات من مختلف البلدان للتفكير في أنجع السبل لدعم روح المقاولة النسائية.
ويشكل هذا الحدث أرضية مواتية للنساء لتبادل التجارب الناجحة والخبرات لتحفيزهن على ولوج عالم الأعمال، وتمكين النساء الإفريقيات من الاستفادة من مبادرات الأمم المتحدة الثلاث الرامية إلى النهوض بروح المقاولة النسائية.
وأكدت مستشارة العاهل المغربي، السيدة زليخة نصري، في كلمة خلال افتتاح هذا الحدث، أنه بعيدا عن مظاهر الاحتفاء بالمرأة ينبغي على الدول أن تعبر عن التزاماتها إزاء النهوض بالمقاولة النسائية من خلال مبادرات تؤمن الظروف الملائمة لبروز روح المقاولة لدى النساء وتعزيزها وتقويتها.
وقالت إن المغرب انخرط منذ عقود في نهج إصلاحي متواصل مكن المرأة من الاندماج تدريجيا في مختلف قطاعات الحياة العامة والسياسية والسوسيو اقتصادية والثقافية، مبرزة أن العاهل المغربي، وفي أفق تحقيق ديمقراطية للقرب تعتمد النهج التشاركي وتستجيب للتطلعات المشروعة للشعب المغربي، أرسى مسألة النهوض بوضعية المرأة ضمن استراتيجية تهدف إلى تكريس حقوقها الأساسية ومساواتها مع الرجل.
وذكرت السيدة نصري بأن هذا الورش انطلق قبل 15 سنة منذ تربع الملك محمد السادس على العرش من خلال إرادة ملكية راسخة أعلنت عن فتح ورش النهوض بأوضاع النساء، مستحضرة، في هذا السياق، بعض المحطات الرئيسية لهذا الورش، ولاسيما مدونة الأسرة سنة 2003 التي شكلت لحظة تاريخية في مجال تكريس حقوق المرأة.
وقالت إن المغرب قطع أشواطا هامة في هذا الورش وفي عدة مجالات، إلى حين اعتماد دستور 2011 الذي كرس المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والحريات ذات الطابع المدني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مشيرة إلى أنه تم وضع مختلف الهياكل والآليات لمكافحة كل أشكال التمييز .
أما على المستوى الاقتصادي، فذكرت السيدة نصري بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها العاهل المغربي عام 2005، مؤكدة أنها تمثل رؤية شاملة ومبتكرة تهدف إلى ادماج الفئات المهمشة، وأتاحت لآلاف النساء إرساء مقاولاتهن عبر إحداث مقاولات صغيرة جدا وتعاونيات حول أنشطة مدرة للدخل.
وأضافت أن هذه المبادرة مكنت من إبراز دينامية النساء المغربيات، معتبرة أن نجاح مشاريعهن يعكس بجلاء تجذر روح المقاولة النسائية داخل المجتمع المغربي.
وذكرت، في هذا الصدد، بأن نساء مقاولات نجحن حاليا في فرض وجودهن في مجالات اقتصادية مختلفة والاندماج بنجاح في الهياكل الاقتصادية الحديثة، ومنها تلك التي تتطلب استعمال التكنولوجيات الحديثة.
وقالت إنه رغم وضع الأسس وتهيئ الظروف المواتية، إلا أنه لا ينبغي الجزم بأن جميع الأهداف قد تم تحقيقها، فما زالت هناك أشواط عديدة في ميدان النهوض بالمرأة، لا سيما ما يتعلق بالجهود التي يتعين بذلها في مجالي التربية والتكوين.
وأكدت السيدة نصري في ختام كلمتها على أهمية هذا اللقاء الدولي لتبادل التجارب واستلهام الحلول الناجحة في مجال تكريس روح المقاولة النسائية.
من جانبها، شددت كاتبة الدولة الامريكية بيني بريتزيكر على أنه لا يمكن لأمة أن تتطلع لنمو اقتصادي على المدى البعيد إذا فرضت قيودا على ولوج شبابها ولاسيما النساء منهم، لعالم المقاولة، داعية المجتمعات إلى احتضان المرأة وتمكينها من التخطيط لمستقبلها. وذكرت بأن نحو 8 ملايين من المقاولات المتوسطة في البلدان المتقدمة تديرها نساء، مؤكدة أن نجاح المرأة المقاولة ينعكس ، بالتأكيد، إيجابا على الأسرة ومن ثم على الأطفال وتعليمهم.
وقالت المسؤولة الأمريكية إن روح المقاولة ، كما أكد ذلك الرئيس باراك أوباما، شكلت إحدى الدعامات الأساسية للتنمية وتحسين الوضعية الاقتصادية ومستوى عيش السكان مما يفرض مد نساء ورجال الأعمال بالكفاءات والموارد الضرورية من أجل مواجهة المنافسة وتحقيق الازدهار في القرن الواحد والعشرين.
وقدمت بريتزيكر نماذج لنساء ناجحات في مجال الأعمال، معربة عن الأمل في أن تشكل القمة العالمية لريادة الأعمال أرضية لتبادل الافكار والتجارب المبتكرة ومناسبة للانفتاح على العالم.
وأكدت التزام الولايات المتحدة بدعم وتشجيع المقاولات النسائية في أمريكا وخارجها، مؤكدة قناعتها بأن التغيير في القرن ال 21 ستقوده النساء.
كما عبرت عن امتنانها للمغرب لاحتضان هذه القمة، معتبرة أن من شأن تخصيص يوم للاحتفاء بالنساء المقاولات أن يساهم في تمكين المرأة ودعم روح المقاولة النسائية وإلهام المبتكرات منهن.
من جهتها، أكدت السيدة مريم بنصالح شقرون رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن تخصيص يوم للنساء المقاولات يشكل التزاما للمرأة والرجل على السواء لدعم المرأة المقاولة وتحفيزها على ولوج مجال الأعمال.
وقالت إن المغرب حقق قفزة نوعية على مستوى تمكين المرأة خاصة بفضل الاصلاحات الدستورية والمبادرات الاجتماعية التي أطلقها الملك محمد السادس ولاسيما مدونة الأسرة وكذا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لتحقيق الاندماج السوسيو اقتصادي للمرأة ودعم الفئات المهمشة.
وأكدت ، في هذا الصدد، أن هناك 28 لجنة داخل الاتحاد العام لمقاولات المغرب تترأسهن نساء، مشيرة إلى أن بعضهن عضوات في مجلس إدارة الاتحاد ، في إشارة إلى المجهودات التي يبذلها الاتحاد لتكريس المساواة بين الرجل والمرأة في الولوج إلى مراكز القرار.
وأضافت أن ثلث سكان المغرب شباب غير أن سوق الشغل غير قادر على استيعاب عدد العاطلين منهم ، داعية إلى اعتماد سياسات مبتكرة من خلال تطوير النظام التعليمي وجلب المواهب كمدخل لتحقيق النجاح والازدهار.
وتشهد هذه القمة حضور أزيد من 3000 مندوب ينحدرون من أزيد من 50 بلدا من أجل التبادل والمناقشة وخلق فرص جديدة للشراكات والأعمال مبنية على روح الابتكار والفرص الجديدة التي تتيحها التكنولوجيات الحديثة. وتقام أشغال القمة على شكل جلسات عامة وموائد مستديرة وتظاهرات ملحقة بناء على برنامج غني ومتنوع ، يتمحور حول عدة مواضيع تهم الاندماج الاقليمي والنمو الاقتصادي المستدام والابتكار الاجتماعي للشباب والتنمية البشرية والهجرة.
وتشهد القمة مشاركة أمريكية مكثفة يعكسها حضور نائب الرئيس الأمريكي جوي بايدن الذي يترأس الوفد الأمريكي في أشغالها.
وتستفيد قمة مراكش، التي تنظم بشراكة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، من دعم وانخراط العديد من الهيئات المغربية العمومية والخاصة من قبيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب وشركة اتصالات المغرب ، والتجاري وفا بنك، إلى جانب العديد من الشركاء من وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية. كما تجسد قمة مراكش إرادة المملكة في الانفتاح أكثر فأكثر على المحيط العالمي وإبراز الأنشطة والجهود التي تقوم بها في مجال الانفتاح الاقتصادي ، والتعاون الدولي والإقليمي والقاري والذي يجد له صدى إيجابيا على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.