مرة أخرى، تمعن الجزائر في مواقفها العدائية حيال المغرب، بإعلانها موقفا اقل ما يوصف به، انه يدعو الى الاستغراب، فقد أعربت وزارة خارجيتها في بيان رسمي، عن “ارتياحها” للحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية، يوم الخميس الماضي، بخصوص اتفاق التبادل التجاري المبرم بين المغرب والاتحاد الاوروبي والذي صادق عليه المجلس الأوروبي في مارس 2012 بعد ان صوت لصالحه البرلمان الاوروبي في، ستراسبورغ، في حينه وفي أعقاب نقاش عاصف، أثاره “اللوبي” المناهض للمغرب.
ولم تراع الدولة الجزائرية موقف الاتحاد الأوروبي، الرافض لحكم المحكمة الذي اتفقت تقارير وتحليلات قانونية على انه ذو صبغة سياسية، ما جعل المجلس الأوروبي يطعن فيه على لسان مسؤولة السياسة الخارجية، فيديريكا موغيريني، التي أكدت لوزير خارجية المغرب في اتصال هاتفي مساء يوم صدر الحكم، على أهمية الشراكة الاستراتيجية القائمة بين الرباط والدول 28 الأعضاء في الاتحاد، ووصفتها بالحيوية والشاملة، وبالتالي فان الحكم الذي درسته الهيئات القانونية المختصة وقرر الاتحاد الأوروبي استئنافه عبر الآليات القانونية؛ لم يلغ الاتفاق ولن يؤثر على التعاون القائم بين الجانبين،على اعتبار ان الرباط تتمتع بوضع تفضيلي متقدم لدى الاتحاد يشمل التعاون في مجالات الاقتصاد والأمن والهجرة بل ان التعاون بين المغرب وأوروبا، سيعرف قفزة في المستقبل القريب.
إقرأ أيضا:مجلس الاتحاد الأوروبي يستأنف قرار المحكمة الأوروبية بشأن الاتفاق الفلاحي
غير ان المثير للضحك أكثر، هو الدعوة التي وجهتها جبهة البوليساريو، إلى الشركات الأجنبية التي تستورد المنتوجات الفلاحية من المغرب، شماله وجنوبه، الى الأسواق الأوروبية، فقد طلبت، البوليساريو، وبسذاجة، منها أن تتصل بها عاجلا لتسوية وضعيتها الإدارية والقانونية لدى الجبهة الانفصالية، لتتمكن من استئناف أنشطتها في الصحراء المغربية، لدرجة ان الجبهة ذكرت انها جاهزة للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي.!!
وكانت الجبهة الانفصالية، أولت حكم المحكمة تأويلا خاصا بها، لم يشاطرها احد فيه باستثناء الجزائر، اذ زعمت انه يضفي شرعية دولية عليها، تخولها الحديث باسم الصحراويين الذين تباع منتوجاتهم، حسب المحكمة، دون استفادتهم من عائداتها.
واستندت المحكمة على أدلة تفتقد ابسط شروط المنطق القانوني السليم، يتجلى في عدة مغالطات بينها ان قضاة المحكمة يعتقدون انه ما دام الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، غير معترفين بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، فإن، جبهة البوليساريو، من حقها الاعتراض على الاتفاق الفلاحي المغربي الأوروبي. والملاحظ ان المحكمة بنت حكمها على فرضية ان الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد اعترفوا منذ زمان بجمهورية “تيندوف” بينما وقع المغرب اتفاقيات سابقة مع المجموعة الأوروبية شملت الأقاليم الصحراوية.
وفي هذا الصدد استغرب محللون قانونيون ان تصدر الهيئة القضائية الأوروبية حكمها المتعجل في نزاع سياسي لم تحسم فيه الأمم المتحدة بل إنها تبذل مساعي سلمية للوصول الى تسوية سلمية للنزاع.
وبرأي المحللين، فان حكم المحكمة على الرغم من طابعه غير الملزم، فإن توقيته غير مناسب، واخطر ما فيه انه يوهم جبهة البوليساريو، انها كسبت اعتراف الدول الأوروبية بها، لذلك هللت له، ناسية ان الاستئناف يمكن ان يبطل الحكم أو يعدله؛ وفي تلك الحالة لن يكون أمام الجزائر موقف آخر سوى الإعراب عن شعورها بالمأساة.
الى ذلك، انفتحت شهية البوليساريو لرفع دعاوي أخرى ضد الاتحاد الأوروبي، ذكرت مصادر صحافية انها، بتشجيع من الجزائر، يمكن ان تكرر نفس الدعوى بخصوص اتفاقية الصيد البحري.
وكان المغرب قد رفض ابتزاز، البوليساريو، إبان التفاوض الطويل على تجديد الاتفاق، مخيرا أوروبا بين الإصغاء لمصالح صياديها او الامتثال لدعاية البوليساريو.
وأوضح المغرب بجلاء وقوة رفضه للمحاولات اليائسة التي اعتاد الانفصاليون اللجوء إليها كلما ضيق الخناق عليهم.