يبذل المغرب والسنغال جهودا حثيثة بهدف استثمار جميع العوامل لتعزيز شراكتهما النموذجية المستندة إلى التاريخ العريق ورؤيتهما المتبصرة من أجل التنمية، في ظل إرادة قوية لرفع مستوى مبادلاتهما التجارية.
ويعد التعاون الاقتصادي الثنائي، الذي هو في أفضل مستوياته، بمستقبل جيد خاصة وأنه يرتكز على برنامج يتيح اختيارات استراتيجيات إيجابية.
ولا يدخر المغرب والسنغال جهدا في استخدام إمكاناتهما والعمل على ترسيخ صورتهما كبلدين، يرى فيهما العالم شريكين موثوقين في قارة لايزال التعاون الإقليمي فيها دون المستويات المطلوبة.
وتستند الجهود المشتركة إلى النتائج الملموسة التي تحققت كثمرة لشراكة مربحة باتت تفرض نفسها كنموذج على المستوى الأفريقي.
وتأتي زيارة العمل والصداقة التي يقوم بها العاهل المغربي الملك محمد السادس اليوم إلى السنغال في هذا الإطار بالضبط. ومن المؤكد أنها ستعطي زخما ودينامية جديدة للتعاون الاقتصادي لخدمة شعبي البلدين. ومن المتوقع أن تمهد الطريق بشكل أكبر أمام الاستثمارات الواعدة، وستشهد إطلاق مشاريع جديدة للتنمية لتعزيز روابط الثقة بين الشعبين، وزيادة التعاون المربح للطرفين.
وتستمد الآفاق الواعدة لتلك الروابط المتميزة قوتها من العمق التاريخي والسياسات الرشيدة في تحديد الأهداف المستقبلية.
فقد قطع البلدان شوطا طويلا في اتخاذ مبادرات ملموسة بهدف الاستجابة لحاجيات الفاعلين الاقتصاديين، ومنها اتفاقات معاملة الشركات المغربية والسنغالية بالمثل فوق تراب البلدين، وهي اتفاقية تعود إلى أكثر من 50 عاما، وتؤكد الرغبة في إرساء شراكة مستدامة على أسس متينة.
ويعتمد البلدان منذ سنوات طويلة سياسات اقتصادية مشتركة من أجل استغلال أمثل للثروات الأفريقية لفائدة شعوب القارة عبر شراكة فاعلة لتحقيق المزيد من التكامل، وتسعى لزيادة التبادل التجاري والاقتصادي الذي يخدم مصالح سكان البلدين.
وتؤكد الإحصائيات تلك الحقائق، ويبعث استشراف مستقبل العلاقات المغربية السنغالية على تفاؤل كبير، حيث يؤكد الخبراء أهمية مساهمة المغرب ونطاقها في برامج إنعاش الاقتصاد السنغالي.
ولا تستند قوة الشراكة الثنائية فقط إلى إمكانات الروابط الاقتصادية فقط، وإنما أيضا إلى عوامل غير مادية مثل الثقة والتضامن الفعلي والروابط الأخوية التي تجمع شعبي البلدين.
ويمكن القول إن الرؤية المغربية في مجال التعاون جنوب – جنوب، بين البلدان الأفريقية، تقوم على أسباب موضوعية تهدف إلى مساعدة شعوب المنطقة، وكسب القلوب وتعزيز الثقة في المستقبل من أجل إرساء نموذج للشراكة يعود بالنفع على أفريقيا.
وتواصل المبادلات المغربية السنغالية نموها الكبير سنة بعد أخرى، وهو ما يشير إليه الارتفاع المسجل في الواردات والصادرات في الاتجاهين.
وتشهد هذه الشراكة، التي تهم قطاعات استراتيجية متنوعة تتوزع بين الفلاحة والتكوين والنقل والطاقة، مرورا بالإسكان وصناعة الأدوية والتكنولوجيات الحديثة، على اختيار مدروس لمنتوجات موجهة بالدرجة الأولى لتلبية حاجات السكان.
وتظهر الإحصائيات أن السنغال يعد الزبون الأول للمغرب في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث يستقبل 12 بالمئة من صادرات المغرب إلى أفريقيا، في حين تشكل صادراته نحو 2.13 بالمئة من واردات المغرب من أفريقيا.
وتضمنت أهم واردات المغرب من السنغال في العام الماضي، الأسماك المعلبة والقطن والمنتجات الزراعية.
وفي المقابل، تضمنت صادرات المغرب إلى السنغال الزيوت والأسمدة ومنتجات الورق والمشتقات البترولية والوقود.
وتزايد الحضور الاقتصادي للمغرب في السنغال بشكل سريع منذ عام 2000، من خلال إطلاق استثمارات خاصة وسلسلة من المبادرات والاتفاقيات الرامية إلى تعزيز ذلك الحضور، إضافة إلى مساهمة نموذج الشراكة المغربية السنغالية في تعزيز مرونة أفريقيا.
ويتعلق الأمر هنا بأمر بديهي تم التأكيد عليه، في مناسبات عدة، من طرف الخبراء الذين يرون أن التطور المسجل بالرغم من السياق الصعب للعولمة، يعود إلى المؤهلات الكبيرة للمغرب والسنغال اللذين يشكلان نموذجا لتعاون واعد.
“العرب”