من يسمع نداءات الاستغاثة التي تنطلق من طرابلس الليبية بعد سقوطها بين براثن ميليشيات إرهابية، يعرف أن هذه العاصمة العربية أصبحت منكوبة وباتت مسرحاً للخطف والقتل على الهوية، فهناك حيث لا ماء ولا كهرباء، ترتكب في الأحياء والشوارع جرائم تصفية على الهوية، وتنتهك المقرات السيادية للدولة، ضمن مشهد انقلابي دموي يسعى إلى خطف ليبيا إلى المجهول البعيد.
بعد أن سيطرت ميليشيات مصراتة وما يسمى قوات “فجر ليبيا” على المطار استبيحت طرابلس بمن فيها تحت جنح الظلام والتعتيم، وبدأت عمليات تخريب منهجية للبنى التحتية والمراكز السيادية والمقار الدبلوماسية.
وبرغم ندرة الأخبار القادمة من هناك، فالقليل من الشهادات التي تسللت إلى النور، يؤكد أن ما يحصل لا يمكن أن يرتكبه أحد في بني وطنه، فقد تم منع الأهالي من جمع جثث القتلى من الكتائب المسلحة المناوئة للإسلاميين، وصدرت “فتاوى” تطالب بعدم جمع تلك الجثث لتظل عبرة للسكان، فيما تفرض الميليشيات “المنتصرة” حظر التجوال وتدهم البيوت لتقتل من تقتل وتخطف من تخطف، وترغم السكان على البقاء في منازلهم. ومن المؤكد أن الحقيقة ستظهر يوماً كاملة، وحينها سيكتشف العالم أي نكبة حلت بليبيا الأسيرة لدى هذه الجماعات الدموية والدبابير السامة.
لقد كان واضحاً منذ إجراء انتخابات يونيو الماضي وانبثاق مجلس نواب جديد وشرعية جديدة، أن الميليشيات التكفيرية التي عملت طوال السنوات الماضية على اضطهاد الليبيين، ستنقلب على تلك النتائج وتحرق البلد وتغتصب السلطة. وبرزت هذه النوايا من خلال إحياء المؤتمر الوطني السابق وتسمية رئيس وزراء وتشكيل جيش وإعلان الحرب فعلياً على مجلس النواب المنتخب وعلى الدول العربية وغير العربية التي اعترفت به وساندته.
ويبين خط سير الأحداث أن الوضع يتجه إلى حرب أهلية طويلة يفني فيها الليبيون بعضهم بعضا وتضيع كل الطموحات التي بنوها على مدى عقود.
هذا المصير والأسوأ منه يفرض تحركاً عربياً ودولياً لإنقاذ ليبيا من هذا الشر القائم على الرغم من أن هذا التحرك قد تأخر كثيراً، وكان يفترض أن يتم منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، لكن التحالف الدولي الذي ساند الليبيين في انتفاضتهم سرعان ما انفض، وكأنه تعمد ترك ليبيا إلى هذا المصير الذي كان معلوماً وواضحاً لدى أغلب الأطراف.
اليوم، وأمام ما تشهده طرابلس وبنغازي ومختلف المناطق الليبية من أحداث مؤلمة مازالت هناك فرصة للتدارك، وعلى الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي أن يسارعوا لإنقاذ أخوتهم من أسر العصابات التكفيرية. فالليبيون عرب ونجدتهم ومساعدتهم في التخلص من هذا الشر واجب تفرضه حقائق التاريخ والدين ووحدة الدم. وحتى المجتمع الدولي، خاصة الدول الغربية التي سارعت إلى مؤازرة الانتفاضة على القذافي لا يجب أن تتنصل من المسؤولية، فهي بحكم تحركها الأول مطلوب منها أن تثبت على مواقفها، ففي عام 2011 لم يكن الهدف إسقاط القذافي فحسب، وإنما تحقيق رفاه الشعب الليبي ومساعدته على الخلاص من الديكتاتورية إلى عهد ينعم فيه الجميع بالحرية والسلام. وما تعيشه ليبيا اليوم أسوأ مما كان في عهد القذافي، وإذا كانت النوايا صادقة فإن ديكتاتورية الظلاميين أوجب للمواجهة طالما أن شرها يهدد الجميع وليس من هم في رقعة جغرافية محددة.
“الخليج” الإماراتية
اقرأ أيضا
دراسة: معظم علاجات السرطان على “تيك توك” مزيفة
توصل بحث جديد من جامعة لندن إلى أن ما يصل إلى 81% من علاجات السرطان …
حقوقي لـ”مشاهد24″: “خلوة الرباط” تبرز جهود المغرب في الدفاع عن حقوق الإنسان
تحتضن العاصمة المغربية الرباط يومي 21 و22 نونبر الجاري خلوة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي ستناقش التحديات الرئيسية والرهانات التي تواجه المجتمع الدولي في مجالات النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها.
مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا
صادق مجلس الحكومة، اليوم الخميس، على مقترحات تعيين في مناصب عليا طبقا للفصل 92 من …