من أقصى المشرق إلى الجزائر!!

أي نظرة على ما كنا نسميه «الوطن العربي» في أيام المجد والشموخ بدءاً من العراق وصولاً إلى الجزائر فإن هذه النظرة لا يمكن أن تسر الحبيب وإنما هى بيقين تسر العدو الذي يخطط بحرفية – وينفذ باقتدار – كيف يمزق هذا الذي كنا نسميه «الوطن العربي» ويفرض عليه التخلف حتى لا تسود فيه غير الدولة الصهيونية المتغطرسة «إسرائيل».
العراق الذي كان دولة من دول الحضارة والذي كان يجارى مصر فى التاريخ العريق أين هو الآن؟ تمزقه الطائفية المقيتة بل يوشك أن تمزقه أيضاً الإقليمية التى لا تريد وحدة بين الشمال والجنوب – بين العرب والكرد – هكذا يعيش العراق الآن ومنذ الغزو الأمريكى بين طائفية بشعة تدعى أن لها جذوراً إسلامية والإسلام الصحيح منها براء.
من قال من العلماء التقاة إن الإسلام يعرف شيعة وسنة إلا عندما سادت أقطاره موجات التخلف والهوان.
وخطوة واحدة إلى غرب العراق تجدنا نلتقى بما كان يسمى فى الماضى غير البعيد «الشام» فإذا به الآن مزق بين سوريا ولبنان وفلسطين. وإذا بكل منها تعانى معاناة لا يحتملها ولا يرتضيها إنسان سوى سليم.
سوريا – فيما يرى الكثيرون – يحكمها ديكتاتور ليس فى قلبه رحمة بشعبه والمؤسف أن الذين يعارضونه أسوأ منه وهذا مما يعقد المشكلة.
والمجتمع الدولى من سنوات يحاول أن يجد حلاً وأظن – وليس كل الظن إثما – أن المجتمع الدولى لو كان صادقاً فى إرادته لاستطاع أن يجد حلاً لهذه المشكلة.
إن رجلاً عريقا فى الحياة العامة وفى الدبلوماسية وعربيا حتى النخاع هو الأخضر الإبراهيمى – الذي كان بيته مكاناً لتجمعنا أيام العز عندما كان سفيراً للجزائر فى مصر فى أعقاب استقلال ثورة الجزائر بعدما كنا نفخر بأن سميناها «ثورة المليون شهيد» – وكانت بحق كذلك – والتى وقف إلى جانبها عبدالناصر بكل إصرار وجلب بذلك على مصر عداء فرنسا وإنجلترا والربيبة المدللة «إسرائيل». وكلنا يعرف ما حدث من أحداث فى تلك الفترة، فإذا تركنا سوريا – وظللنا مع ذلك فى منطقة الشام – فإننا سنجد لبنان. لبنان التى كانت جنة من جنات الله فى أرضه وكانت مقصد السياح من أنحاء الوطن العربى بل من أنحاء العالم كله – لبنان الآن لا يستطيع أن يعقد مجلس النواب لأن النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة لا يكتمل. ورغم أن رئيس لبنان الحالى من أفضل وأكثر القادة العرب عقلانية وحكمة.
ولكن الطائفية البغيضة بدأت تمزق لبنان – الذي كان طوال عمره المعروف – علمانياً مستنيراً بعيداً عن كل صور الطائفية.
فإذا تركنا لبنان واتجهنا جنوباً – فى منطقة الشام أيضاً – فإننا سنصادف كارثة الكوارث. سنصادف العنجهية الصهيونية الاستعلائية الإسرائيلية تنكل بالشعب الفلسطينى بشتى أنواع التنكيل.
نعم فى الأيام الأخيرة أطلّ بعض الضوء باتفاق الفصائل الفلسطينية مع السلطة – سلطة الرئيس أبو مازن – وأصبح من الممكن إقامة حكومة وفاق وطني تجمع الفصائل الفلسطينية الرئيسية. ولكن هل يجدي هذا مع التعنت والغطرسة الإسرائيلية.
فإذا تركنا منطقة الشام واتجهنا غرباً إلى مصر فإننا سنجد أمورها بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو أفضل بكثير من ذى قبل، أزاحت الثورة الأولى حكم الفساد والطغيان أيام مبارك وأزاحت الثورة الثانية الفاشية الدينية التي هي أبغض أنواع الفاشية.
ولكن بقية الفلول الإرهابية وهى تنازع فى النفس الأخيرة مازالت تحاول أن تعطل الإنتاج وترهب السياحة والسياح. ولا أحد ينكر أن مشاكل مصر كثيرة وإنما لن تحل بين يوم وآخر ولكنها تحتاج جهداً جباراً من كل المصريين المسؤولين وغير المسؤولين.
وإذا تركنا مصر واتجهنا غرباً فإننا سنجد ما كان يسمى ليبيا والتى أصبحت أشلاءً متناثرة تشيع الخراب والفساد فيما حولها وتحاول أن تصدر إلى مصر ما يساعد الإرهاب على البقاء.
وإلى الغرب من ليبيا نجد تونس التى كانت بداية الربيع العربى فإذا بالانقسامات والاغتيالات والفتن تعود إليها وكأننا «يا بدر ما رحنا ولا جينا» كما يقول المثل المصرى العامى.
وفى الجزائر رجل مقعد يتشبث بالحكم ويغير الدستور لكي يضمن بقاءه رغم أن الواضح أنه يقاوم متشبثاً بالبقاء بأي ثمن، ذلك أن السلطة يبدو أن وراءها من المغانم ما لا يعرفه إلا من جربها.
أليس هذا هو حال الأمة العربية من مشرقها إلى مغربها.
وأظنه حال لا يسر حبيباً. ولكنى أقول دائماً إن الشعب العربى شعب ذو تاريخ وذو حضارة وأنه سيكافح من أجل البقاء. ولا سبيل إلى ذلك بغير الديمقراطية والعلم. وقل عسى أن يكون ذلك قريباً.
والله المستعان.
“المصري اليوم”

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *