فقد الأمريكي جون برامبليت، بصره حين بلغ 11 عام، ولم يكن أحد ليتخيل أن يصبح اليوم وهو على مشارف الثلاثين، رساماً محترفاً، يًبدع لوحات مدهشة، غنية الألوان، في معجزة خرجت من أعمق وأحلك قاع عاش فيه زمناً طويلاً، بحسب ما كتبه على موقعه الخاص.
ويقول برامبليت: “عشت مكتئباً حزيناً، وكانت الأحلام أو الآمال خارج مجرد التفكير فيها، وطالما قضيت أيام دراستي مخدر الذهن شاعراً بحجر ثقيل يجثم على صدري، وفي كل صباح، كانت الحياة تبدأ باللامعنى، كنت الحي الميت”.
ويضيف: ” كنت بلا إمكانيات حقيقية، شعرت أني مجرد صفر”.
ولكن الأمور انقلبت رأساً على عقب في روح هذا الفنان، حين وصل به الحال إلى منتهى السوء، فيقول: “فجأة لمعت الألوان كذكرى قديمة آسرة، كحبيبة همت بها وفارقتني بلا رجعة، واستبد بي الألم، وأنا في سواد ليلي ونهاري أناجيها في عمق الذاكرة، حينها أردت أن أستعيدها، أردتها في حياتي بكل ما بقي في قلبي من حياة”.
وأخذ برامبليت يتعلم كيف يرسم بلا قدرة على النظر، يتحسس القماش والحواف، ويضع علامات محسوسة على أنابيب الألوان، وحين أنجز أولى لوحاته كانت مجرد لطخات، بحسب من شاهدوها.
ويقول: “لم أيأس، كنت أصارع كل حواسي الأخرى لأطوعها وأعتلي صهوتها لأبحث عن الألوان، هنا فقط بدأت أشعر بالأمل”.
ومضى برامبليت يحاول ويجهد في تخيل الخطوط والأشكال، ويتحسس كل ما حوله ليوقظ ذهنه، والآن هو فنان محترف، له لوحات عالية الفنية.
ويقول: “من شاهدوا لوحاتي أخيراً، أكدوا أنها بعيدة كل البعد عن اللطخات اللونية التي بدأت بها”.
وبحسب مواقع متخصصة كتبت عن هذا الفنان، فإن لوحاته ديناميكية متفجرة الألوان والملمس، وكأن أصابعه ثاقبة البصر، ويقول برامبليت: “اكتشفت مشاعر غريبة ومتباينة للدهانات المختلفة، وأصبحت بشكل ما أميز اللون بلمس قوامه، فالأبيض أشعر به أسمك قليلاً، بينما ألأسود متحايل، ورغم أني علمت أنابيب معاجين الألوان بعلامات محسوسة كطريقة برايل، لكني بشكل ما سحري ولا يصدق، بدأت أميز، بدأت أرى بأصابعي”.
وأصبح برامبليت مثار اهتمام كبير اليوم، لإنجازه الفني الرائع رغم العائق الذي لا يتخيل أحد أن يتخطاه، ويقول: “في طريق رحلتي هذه، أصبحت أشعر وكأني محظوظ كوني كفيف، واليوم لا أتوقف عند الشدائد، بل أعتبرها تجربة، أنمو من خلالها”.
ويذكر أن لبرامبليت مقاطع فيديو تؤكد مقدرته هذه على الرسم، كما أنه شارك في فعاليات فنية وثقافية عديدة ليرسم أمام الجمهور والأطفال الذي يتعلقون به عادة، كما أنه يدرب المكفوفين على الرسم.