تلقت المفتشة المدرسية في كوسوفو، إراندا كومنوفا باجي، اتصالًا من إحدى الأمهات بشأن مشكلة غير متوقعة، كان الأمر يتعلق بتحدٍّ على منصة «تيك توك»، الذي دفع عشرات المراهقات في بلدة غجاكوفا إلى تشويه أنفسهن.
وقالت كومنوفا باجي، التي تعمل في منطقة يبلغ عدد سكانها 80 ألف نسمة: «اتصلت بي أم لِتُخبرني أن ابنتها، وهي تلميذة في الصف الخامس، شاركت في تحدي على تيك توك ما أدى بها إلى إيذاء نفسها مع صديقاتها».
على إثر ذلك، طلبت كومنوفا باجي من المعلمين والمختصين في المدرسة التحقيق في الأمر، ليكتشفوا في غضون أسابيع قليلة 22 حالة من حالات الإيذاء الذاتي بين الفتيات المراهقات في البلدة، وكانت أول حالة مسجلة في يناير 2023.
وأضافت كومنوفا باجي: «في البداية، اعتقدنا أن الفتيات قمن بإيذاء أيديهن عمداً باستخدام أدوات حادة، لكن الفحوصات الطبية كشفت أن بعضهن أصبن بعشرات الجروح في أماكن متفرقة من أجسادهن».
منذ سنوات، تتزايد التحذيرات من تأثير منصات التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للمراهقين، خاصة «تيك توك» التي تعد واحدة من أكثر الشبكات الاجتماعية شهرة في العالم، ويبلغ عدد مستخدميها حوالي مليارٍ ونصف مليار. يعتمد التطبيق بشكل كبير على «التحديات» التي تشجع المستخدمين على إعادة إنتاج مقاطع فيديو، بما في ذلك تلك التي تتضمن سلوكيات ضارة مثل إيذاء النفس.
وأشارت إحدى الأمهات إلى أن أطفالاً لا يتجاوزون التسع سنوات شاركوا في التحدي بعد مشاهدتهم مقاطع فيديو على «تيك توك»، معتبرة الأمر «كأنه لعبة» بالنسبة للفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 9 و17 عاماً وأضافت هذه الأم التي التقطت صوراً لجروح ابنتها: «لقد أصبح هذا كابوساً حقيقياً بالنسبة لي».
على الرغم من أن «تيك توك» تحظر رسمياً مقاطع الفيديو التي تشجع على إيذاء النفس أو الانتحار، إلا أن القلق حول تأثير هذه التحديات على الصحة النفسية يظل قائمٌ وفي عام 2023، دعا كبير المسؤولين الطبيين في الولايات المتحدة، فيفيك مورثي، إلى اتخاذ إجراءات لحماية الشباب من التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي.
وفي كوسوفو، وصف مدير شركة في بلدة غجاكوفا، بيسفورت كراسنيكي (45 عاماً)، ما يحدث بأنه «من الصعب جداً تقبله»، مضيفاً: «من الصعب تقبل فكرة أن بناتنا ألحَقْن الأذى بأنفسهن طوعاً».
من جانبها، أكدت عالمة النفس ميرفت أزيري أن هذه الظاهرة مرتبطة بـ«القدرة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي دون رقابة، سواء في المدرسة أو في المنزل».
لتقليص تأثير هذه التحديات، أطلقت الجهات التعليمية في كوسوفو مبادرات جديدة بهدف توعية الطلاب بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، وفيما فتح مكتب المدعي العام في كوسوفو تحقيقاً في القضية، أكد الناطق باسم المكتب، درين دومي، أن السلطات القضائية ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لتحديد المسؤوليات.
في المقابل، يرى البعض أن الحل الأمثل يكمن في حظر «تيك توك» بشكل كامل في كوسوفو للحد من التأثيرات السلبية لهذه التحديات على المراهقين.