أسئلـــة وعبـــر

كل الأمنيين والخبراء والمحللين كان يتوقعون حدوث عملية ارهابية في تونس كردة فعل « انتقامية» بعد الضربات الموجعة التي تلقتها التنظيمات الارهابية سواء في الشعانبي و جندوبة وبرج الوزير ورواد وخاصة بعد الضربة الاستباقية التي تمت فجر الاحد في بنقردان والتي أجهضت مخططا دمويا كان يستهدف عديد المؤسسات والشخصيات الأمنية وإدخال البلاد في فوضى عارمة تيسر قلب نظام الحكم وتغيير المشروع المجتمعي.
ورغم أن الخطر كان متوقعا فان درجة اليقظة وردة الفعل الأمنية طرحت عديد الأسئلة التي وان لا ترتقي الى اتهام أي طرف ، فإنها تتطلب مزيد التحقيق والتوضيح ، فليس من السهل نظريا ، على الأقل ، الوصول الى منزل وزير الداخلية داخل حي سكني شعبي وملاصق لمنطقة أمن ومحروس من قبل عدد مهم من الأعوان ، وإطلاق النار بكثافة وتواصله لمدة ساعة الا ربع كاملة ، دون تسجيل أية إصابة في صفوف الإرهابيين المهاجمين ودون وصول تعزيزات أمنية لإسناد زملائهم الموجودين هناك والذين بوغتوا بالهجوم وكثافة النيران.
حادثة الهجوم على منزل وزير الداخلية واستشهاد أربعة أمنيين وإصابة ثلاثة اخرين تعد العملية الارهابية الأخطر في تاريخ العمليات الارهابية في تاريخ تونس وتكشف عن « جرأة» كبيرة للإرهابيين الذين دخلوا الأحياء السكنية والمنازل المحصنة وضربوا « الهدف» وعادوا سالمين الى مخابئهم رغم ردود فعل الأمنيين الحاضرين وبعض المواطنين الذين عطًلوا الإرهابيين وأجبروهم على الهروب بالصراخ وبرمي الحجارة.
كما أن توقيت هذه العملية وطنيا وإقليميا يضعها في خانة ردة الفعل الاستعراضية التي تريد أن تثبت للرأي العام أن التنظيمات الارهابية قادرة على تحدي القوات الأمنية والعسكرية ، بضرب منزل المسؤول الاول عن جهاز مكافحة واجتثاث الإرهاب قصد تخويف المواطنين وهز ثقة الأمنيين ، وهو ما لم يقع ولن يقع مطلقا.
ولا يمكن لمثل هذه العملية الارهابية الغادرة أن تمر دون استخلاص العبر والدروس منها على كل المستويات الاستخباراتية والميدانية في ما يتعلق باستباق الهجومات والتصدي للإرهابيين وملاحقتهم، رغم القناعة الراسخة بأن معركة اجتثاث الإرهاب ستكون طويلة وأن فاتورة الدماء والشهداء لن تكون هينة.
المطلوب اليوم مضاعفة الجهود وتوحيدها ومواصلة مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة أمنيا واجتماعيا واقتصاديا وفكريا بما يحصن البلاد من أخطارها وتهديداتها و يضمن تجفيف منابعها واجتثاثها ومنع إمكانية عودتها.
وعلى الأمد القريب بات مطلوبا تسريع تعديل قانون الإرهاب في اتجاه دعم حصانة وحماية الشهود والتسريع بإنشاء القطب الخاص بالإرهاب ليكون بمثابة وكالة استخبارات وأمن قومي مرتبطة بجهازين أمني وقضائي متخصصين ويكون قادرا على مقاومة الإرهاب والفصل في قضايا المتورطين فيه بأقصى سرعة.
“الشروق” التونسية

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *