لطالما قبع في مؤخرة كل طائرة يسجل سكناتها ويحصي كل حركاتها ليقدم بيانات موضوعية كشاهد عيان لا غنى عنه حينما تحل الكارثة.
إنه الصندوق الأسود الذي تجهد لجنة دولية مؤلفة من خبراء روس ومصريين وفرنسيين اليوم بتحليل بياناته لإعطاء صورة واضحة عن السبب الحقيقي لتحطم الطائرة الروسية فوق سيناء في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فرصة الحصول على معلومات جلية عن أسباب تلك الكارثة كبيرة خاصة وأن حالة الصندوقين الأسودين للطائرة جيدة، حسب وزير النقل الروسي.
ما هو الصندوق الأسود؟
يبلغ طول الصندوق 20 بوصة والعرض 5 بوصات والارتفاع 7 بوصات، ويكون في ذيل الطائرة لزيادة الحماية. سمي بالصندوق الأسود لارتباطه بالكوارث الجوية وحوادث تحطم الطائرة وهو في الحقيقة صندوق ذو لون برتقالي، والصندوق يسجل كل كبيرة وصغيرة داخل الطائرة من ارتفاع الطائرة وسرعة الرياح والاتجاه والوقت والتسارع العمودي.
والصندوق الأسود الذي يسجل بيانات الطائرة قادر على تسجيل ما لا يقل عن 17 نوعا من المعلومات، وبعد تطور آلات التسجيل أصبحت قادرة على تسجيل ما لا يقل عن 100 نوع من المعلومات في وقت واحد، وذلك عن طريق تلقي المعلومات من المستشعرات من سرعة الرياح والارتفاع والبوصلة والساعة الزمنية ودرجة الحرارة خارج الطائرة ووضع الطائرة في الجو، وكل هذا يرتبط بإبرة تسجيل تقوم بتسجيل كل البيانات وهي مثل إبرة رسم تخطيط القلب.
ويحتوي الصندوق الأسود على تقنية متقدمة، فهو الدليل الوحيد الذي يزود المحققين بالمعلومات المطلوبة بعد تحطم الطائرة لمعرفة أسباب وقوع الكارثة وهو أغلى قطعة في الطائرة.
ويحمل الصندوق المواصفات التالية:
هو ذو لون برتقالي ومغطى بأشرطة عاكسة للضوء، يقاوم حرارة تصل إلى 1100 درجة مئوية للهب مغذى بالوقود لمدة 30 دقيقة، والصناديق تصنع من التيتانيوم ولذلك تقاوم اختراق قضيب من الفولاذ وزنه ربع طن يسقط من ارتفاع 3 أمتار، ولا يفقد بالاهتزاز أي معلومات.
ويحتوي على مرسل لاسلكي لتحديد موقعه تحت الماء ويطلق ذبذبات ضوئية عالية التردد 37.4 كيلو هيرتز بملامسة الماء والثلج، ويمكن تمييز تلك الإشارة من بعد 2.5 ميل وعلى عمق 20 ألف قدم تحت الماء ولمدة 30 يوما متواصلة، وفيه شريط تسجيل المعلومات جيد النوعية بعرض ربع بوصة وقابلية تسجيل لمدة 25 ساعة متواصلة يعود التسجيل من جديد بعد انتهاء المدة، وذلك فوق المعلومات القديمة التي تمسح تلقائيا.
كما يوجد صندوق آخر في قمرة قيادة الطائرة يسجل آخر الأحداث التي أدت إلى تحطم الطائرة، وهي تعرّف المحققين بما إذا شعر الطيارون بوجود خلل قبيل تحطم الطائرة، وبنوعية الخلل، وهذا يتيح إمكانية مقارنة المعلومات الموجودة في الصندوق الأسود مع مسجل قمرة القيادة، وهي تسجل مكالمات الملاحين منذ تشغيل الشبكة الكهربائية للطائرة وحتى توقفها عن العمل وذلك لمدة نصف ساعة وهي فترة قصيرة بالمقارنة مع الصندوق الأسود، وهي تسجل أهم جزء وهو الجزء القريب جدا من الحدث.
وعن قدرات تسجيل صندوق قمرة القيادة، يقول خبراء التحقيق في الحوادث، إنه يسجل كل ما يقع في مداه بما في ذلك تردد 400 ميغا هيرتز الصادرة عن الشبكة التي تبلغ قوتها 28 فولت وأصوات مراوح التبريد والاهتزازات الضعيفة.الطائرة