تستأثر قضية الصحراء المغربية حاليا باهتمام العالم كله، وخاصة بعد أن وافق مجلس الأمن الدولي، بالإجماع،على قرار يقضي بتمديد ولاية بعثة “المينورسو” الأممية،حتى الثلاثين من شهر أبريل 2018.
وجاء هذا القرار بعد أن كان الأمين العام للأمم المتحدة،أنطونيو غوتيريش، قد قدم تقريره مؤخرا أمام مجلس الأمن.ويبدو جليا أن هذا المسؤول الأممي الجديد عازم على معالجة الملف بكل مايتطلبه الموقف من حزم ومسؤولية.
وياتي انعقاد مجلس الأمن حول قضية الصحراء،بعد حصول مستجدات سياسية، بفضل الدبلوماسية المغربية، التي قادها الملك محمد السادس في القارة الإفريقية، وأدت إلى استرجاع المغرب لمقعده في الاتحاد الإفريقي،وبعد ذلك أعلن عن قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية مع كوبا،مؤخرا، وكلها جهود لابد أن تعطي ثمارها المرغوبة ونتائجها المطلوبة في الأفق المستقبلي القريب.
إلى ذلك، يشهد ملف الصحراء المغربية في المنتظم الدولي، مجموعة من التطورات،ومن بينها ما أقدمت عليه هيئة الأمم المتحدة،وهو إعلانها عن “هورست كولر” الرئيس الألماني الأسبق،بشكل رسمي، مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة، مكلفا بحل النزاع المفتعل في المنطقة منذ أكثر من أربعين سنة،بعد ان ظل إسمه رائجا في الآونة الأخيرة.
ويأتي تعيين الألماني “هورست كولر”في هذه المهمة،خلفا للأمريكي “كريستوفر روس”، المبعوث السابق الذي لم يقدم أي تصور من شأنه إيجاد حل للنزاع،بل ان طريقة تدبيره للملف كانت السبب في تعقيد الأمور،وتضييع الوقت،بدل الانكباب على معالجته وفق مواثيق الأمم المتحدة .
وقد عبر المغرب عن موافقته،في مجلس الأمن الدولي،على الألماني “كولر”، وكذلك فعلت الجبهة الانفصالية، البوليساريو.وبهذه الموافقة من جانب الطرفين معا،يصبح المجال مفتوحا أمام المبعوث الأممي الجديد، ليستأنف مهامه،انطلاقا من فاتح الشهر المقبل،بحثا عن حل سياسي للمشكل،علما أن المغرب كان قد قدم مشروع مخطط الحكم الذاتي،سنة 2007، الذي كان محل إشادة من طرف القوى المحبة للسلام،باعتباره إطارا عمليا،يعكس رغبة المملكة وإرادتها السياسية في معالجة الملف وفق رؤية موضوعية، تستند للشرعية الدولية،بخلاف الجبهة الانفصالية، التي شكلت دائما عرقلة حقيقية في وجه الحل، بدعم من الجزائر ومن يدور في فلكها.
وقد تابع العالم مؤخرا استفزازات البوليساريو، وكيف انها عاكست قرارات مجلس الأمن التي تدعوها إلى الانسحاب الفوري من منطقة الكركرات،حيث ظلت تناور بهدف فرض الأمر الواقع على الأرض،ولم تبدأ في جمع خيامها وعتادها العسكري،حسب بعض المصادر،إلا أمس الجمعة،فيما كان المغرب سباقا إلى الاستجابة لطلب الأمم المتحدة، منذ مدة،معبرا بذلك عن تعاونه الوثيق لطي هذا الملف الذي طال أمده.
وفي تعليق له حول السياقات التي تشهدها قضية الصحراء المغربية،في ضوء التطورات السياسية الجديدة،قال الإعلامي لحسن لعسيبي،إن آخر الأخبار القادمة من مصدر مطلع بموريتانيا، تفيد أن انسحاب البوليزاريو من الكركرات جزئي، وأنه عملية تمويهية تاكتيكية لتمرير التعديل الروسي بمجلس الأمن.
وأضاف لعسيبي محذرا في تدوينة له على حائطه الفايسبوكي:”ثمة ملامح موقف مثير ﻹفراغ قرار مجلس الأمن من قوته السياسية والقانونية، تتطلب صرامة أممية وحرصا مغربيا على تحميل كل جهة مسؤوليتها. يخشى جديا أن ثمة مؤامرة روسية جزائرية محبوكة سيكون لها ما بعدها. والتركيز في هذه اللحظات الدقيقة يجب أن يكون على ما يتضمنه تقرير المينورسو، حول مدى جدية وحقيقة ذلك الإنسحاب، المفروض رفعه إلى الأمين العام الأممي قبل التصويت. فالمسؤوليات هنا ليست مجالا للعب..”