تحظى الديمقراطية في المغرب، بمكانة خاصة لدى الملك محمد السادس، لما لها من دور في النهوض بالبلاد في جميع المجالات، ولذلك كان من الطبيعي أن تكون لها الأولوية كمحور اساسي في الخطاب الملكي لعيد العرش، الى جانب قضايا أخرى تهم مستقبل المملكة ونموها واقتصادها، وتعزيز امنها، وتكريس وحدتها الترابية.
ونحن على بعد أسابيع قليلة من إجراء الاستحقاقات التشريعية المقررة ليوم سابع أكتوبر المقبل، بادر الملك محمد السادس، في خطاب محمل بالعديد من الرسائل السياسية، إلى التنبيه إلى بعض التصرفات والتجاوزات والتصريحات، التي وصفها ب” الخطيرة”، ولذلك من أجل تفاديها من طرف الفاعلين السياسيين، الذين يفقد البعض منهم صوابهم، كما قال الملك، ويتعاملون مع الانتخابات “كأنها القيامة”، وهو تعبير بليغ تسنده رؤية واضحة، بالنظر إلى ما يكتنفها من صراعات ومزايدات.
والواقع أن الحملة في المغرب، بدأت تلوح في الأفق، هذا العام، قبل توقيتها القانوني، وهناك من انخرط فيها منذ مدة، بشكل أو بآخر، ملوحا بالشعارات والوعود، كأنه يسابق الزمن من أجل حصد الأصوات في صناديق الاقتراع، غير آبه بالضوابط القانونية، التي تؤطر هذه العملية، بما تقتضيه من تنافس ينبني على الالتزم والمسؤولية.
إن هذه الانتخابات هي ثاني محطة تشريعية في التاريخ السياسي المعاصر للمغرب، في ظل الدستور الجديد، الذي صادق عليه الشعب المغربي سنة 2011، ومن هنا تنبع أهميتها، التي تفرض على كل الفاعلين السياسيين، القطع مع كل الممارسات السيئة، والارتقاء إلى مستوى هذه اللحظة، بما تستلزمه من انضباط لقواعد اللعبة الديمقراطية، صونا لصورة المملكة، كبلد اختار السير بعيدا في هذا النهج، ولن يتراجع عنه ابدا.
وقد كان الملك محمد السادس، واضحا كل الوضوح، وهو يتحدث عن هذا الملف، واضعا النقط على الحروف، بكلمات اختار لها أن تكون ذات دلالة عميقة ومباشرة، وتنفذ إلى صلب الموضوع، داعيا إلى الكف عن الركوب على الوطن، ما يجعل المتتبعين لتطور الشأن السياسي في المملكة، يرون في هذا الخطاب، خريطة طريق نحو تكريس النزاهة والشفافية.