كل الذين حضروا ندوة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مساء أمس، تحت عنوان ” الاحتفاء بذكرى دسترة الأمازيغية: المكتسبات والنقائص”، خرجوا بخلاصة تقريبية، وهي أن تنزيل القوانين التنظيمية للأمازيغية، ربما يتطلب المزيد من الوقت، وقد يستغرق عدة سنوات، تتراوح بين 5 أعوام و15 سنة، بشكل تدريجي.
وقد اتضح هذا جليا من خلال المائدة المستديرة، التي قام بتسييرها الحسين المجاهد، الأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بمشاركة عدد من ممثلي القطاعات الوزارية و الهيئات الحقوقية والفعاليات الفكرية والمجتمع المدني،بمناسبة الاحتفاء بالذكرى الخامسة لدسترة اللغة الأمازيغية.
أحمد بوكوس، عميد المعهد، ورغم أنه تحدث في البداية بنبرة مطمئنة، مشيرا إلى ما تم تحقيقه من أبحاث ودراسات ومنتوجات سمعية وبصرية، وخطوات في مجال التعليم، ولكنه استدرك قائلا، إن الحصيلة متواضعة، وأن هناك عدة “إكراهات” ما زالت تطرح نفسها بحدة.
واستعان بالأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية، التي تفيد أن 7 في المائة من المدارس تدرس بها الأمازيغية، و11 في المائة من التلاميذ يستفيدون من تدريسها، و2 في المائة من الأساتذة فقط، هم الذين يتولون تلقينها للناشئة.
إلا أن الأسئلة التي يبدو أنها تشكل هاجسا بالنسبة لبوكوس،هي: “ماذا بعد صدور القانونيين التنظيميين للغة الأمازيغية، وهل يرتقيان إلى مستوى الطموح؟ وهل سيتم تطبيقهما بشكل فوري وإيجابي؟”.
وختم تدخله بالتأكيد على أن الأمازيغية ليست حكرا على جهة معينة، بل هي ملك مشترك للجميع، متمنيا أن تصبح الأمازيغية لغة لكل المغاربة، تحقيقا للتوازنات الثقافية والاجتماعية.
وبدوره، تحدث محند العنصر، بصفته كوزير سابق، وزعيم حزب يضع الأمازيغية، كإحدى مكونات الشخصية الوطنية، في صدارة اهتماماته، مشيرا إلى بعض الصعوبات التي اكتنفت وضع النصوص الخاصة بالقوانين التنظيمية للغة الأمازيغية.
وذهب المتحدث ذاته، إلى وصف القوانين ب”الجمرة”، التي كانت الحيرة بخصوص من يتولى مسؤوليتها هي السائدة، هل وزارة التعليم، أم وزارة العدل، مشيرا إلى أنه ” ليس هناك أي قطاع حكومي مؤهل للانكباب على هذا الموضوع”.
وسجل العنصر بعض الإيجابيات في التعامل مع الأمازيغية بعد دسترتها، قبل أن يلاحظ وقوع نوع من الجمود بشأنها، وتأخير في تنزيل القوانين التظيمية،نافيا في نفس الوقت، أن يكون هناك أي تراجع على مستوى الإرادة السياسية، مبينا أن المسألة لاتخضع لأي مزايدات سياسية أو حزبية بين الأغلبية والمعارضة.
ودعا العنصر إلى فتح نقاش عمومي حول مشاريع القوانين التنظيمية للغة الأمازيغية، تشارك فيه كل الأطراف المعنية، في مدة زمنية لاتتجاوز شهرين، قبل إحالتها على البرلمان، قصد التداول فيها والمصادقة عليها، ملحا على ضورة إيجاد بعض الآليات لمواكبة تنزيلها كمكتسبات لايمكن التراجع عنها.
وفي تدخله أمام المشاركين في المائدة المستديرة، حرص مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، على استعراض دور الإعلام في الرفع من حصيلة الأمازيغية، وخاصة في القطاع السمعي البصري، وقال إنه ” كان دورا نشيطا في مجال النهوض بالأمازيغية”.
وأوضح أن الاشتغال في المجال الإعلامي تم على أساس تنزيل ما جاءت به مقتضيات الدستور بشأن اللغة الأمازيغية، حيث تضاعف الإنتاج الوطني من خلال انخراط مجموعة من القنوات التلفزيونية في هذا الاتجاه، وفي طليعتها القناة الأمازيغية.
ونوه الخلفي بما شهده المجال السمعي البصري من حركية وديناميكية ” وخطوات معتبرة” في هذا الاتجاه، انسجاما مع مضمون الرؤية التي تقول إن تطور الأمازيغية لايمكن أن يتم إلا من خلال الاستمرار في دعمها، باعتبار ” أن الأمازيغية لغة كل المغاربة”.