منذ تنصيبها بداية سنة 2012، والحكومة التي يترأسها عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وضمت توليفة أحزاب مختلفة التوجهات، أكثرها تمردا حزب التجمع الوطني للأحرار، فالحزبان اللذان يمسكان العصا من الوسط في أغلب المواقف التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، تواجه عددا من القضايا الحارقة شكلت لها عديد متاعب واعتبرت بمثابة ”فضائح”، جعلت شعار ”الرحيل” يرفع في وجهها أكثر من مرة.
فضائح اختلفت المجالات التي ارتبطت بها، واستهدفت أغلب الوزراء ما جعل تركيبة الحكومة التي لم يتبق من عمرها سوى القليل تعدل لثلاث مرات، كما كانت في كل مرة تضع بن كيران قائد السفينة في فوهة البركان.
أحدث هذه الفضائح التي أثارت زوبعة وتابعها حتى من لا اطلاع له بعالم السياسة، نفايات إيطاليا التي أقامت الدنيا وأقعدتها، وجلبت للحكومة غضبا غير مسبوق، ما دفعها إلى إصدار قرار بإيقاف استيراد هذا النوع من المواد، حسب ما أعلن ذلك ناطقها الرسمي مصطفى الخلفي.
ملف نفايات إيطاليا، أربك الحكومة كثيرا نظرا للتوقيت الذي طفا فيه إلى السطح، حيث تستعد المملكة لاحتضان قمة المناخ العالمية، كما تحضر الأحزاب للانتخابات التشريعية، وبالتالي لم يكن في يد الحكومة إلا أن تصدر قرار تطوى به الصفحة.
وبعد ذلك بأيام سرعان ما انتشر خبر استفادة سياسيين ووزراء، على رأسهم محمد حصاد وزير الداخلية، ومحمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية، منذ سنوات من أراض في مناطق راقية بالعاصمة بأسعار بخسة ضمن تجزئة خصصها مرسوم لمن أسماهم “خدام الدولة”، وصارت الفضيحة ب”جلاجل” كما يقول أهل أرض الكنانة، وعلى الرغم من أن اسم بن كيران لم يذكر ضمن لائحة ”خدام الدولة” التي بات يستعملها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن ذلك خلق له المتاعب من جديد، خاصة بعد خروج وزارة الداخلية لاتهام حزبه بالوقوف وراء تسريب وثائق عن والي الرباط عبد الوافي لفتيت، قبل أن يوجه له النشطاء سيلا من الانتقادات بسبب صمته حول الموضوع.
ومن “خدام الدولة” إلى كبير الديبلوماسية المغربية صلاح الدين مزوار، الذي جعله شريط فيديو مسرب، يظهر فيه وهو بإحدى الحانات في قطر محاطا بالفتيات ويقضي إحدى الليالي الحمراء، في مأزق لم يكن له في الحسبان. فانتقدت الحكومة مرة أخرى، واتهمت من خلال قائد ”الأحرار” بتبديد المال العام وخدمة مصالحها الخاصة عوض المصالح العليا للبلاد.
وبقرب الانتخابات فضائح تداولتها عدد من المنابر وأكدت صحتها والعهدة على الراوي كما يقال، صار منبعها البيت الداخلي للعدالة والتنمية، مثل ”كاط كاطات” الوزير السابق الشوباني، وسكر مستشار، وتورط آخر بالاتجار في المخدرات.
وقبل هذا وذاك، فضائح بالجملة، ستظل كالوصم في سجل الحكومة الأولى بعد دستور 2011، أشهرها “الشكلاطة” و”الكراطة” و”الكوبل الحكومي” و”2 فرانك”، وغيرها كثير، فهل تحمل الأيام القادمة أو بالأحرى الدقائق المعدودة من تجربة دامت خمس سنوات، مزيدا من المتاعب لبن كيران ووزرائه فتؤثر على أسهمهم في بورصة الانتخابات ؟ أم يتوقف شريط ”الفضائح” في وقت تعد فيه كل الأحزاب عتادها لخوض استحقاقات تشريعية حاسمة ومفصلية؟