في إطار التحريض الذي تحترفه المنابر الإعلامية المرتبطة بالمخابرات الجزائرية، تتناقلت بعض الصحف الجزائرية أخبارا نسبتها لمصادر عليمة، بأن الأمم المتحدة في طريقها “لفرض عقوبات” على المغرب نظرا لعدم التزامه بإعادة كامل العناصر المدنية في بعثة المينورسو، وعددهم 84، قام المغرب بإبعادهم في أعقاب التصريحات غير المسبوقة للأمين العام الأممي بان كي مون. وتحاول الصحف الجزائرية أن تستبق التقرير المرتقب للأمين العام أواخر هذا الشهر، بالحكم مسبقا بأن مهمة فريق الأمم المتحدة الذي اجتمع بالمسؤولين المغاربة في الفترة من 9-12 من الشهر الماضي، قد باءت بالفشل، وأن كي مون سيحمل المغرب مسؤولية هذا الفشل، بل وأن المجلس سيقوم بفرض عقوبات عليها!!.
بالمقابل، وعلى عكس ما تحاول هذه الصحف إشاعته، ورغم شح المعلومات الواردة من نيويورك، فإن ما تسرب من الجلسة التي جمعت هيرفي لادوس نائب الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام بأعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر يوم 12 يونيو، تقوي التفاؤل بقرب توصل الطرفين إلى اتفاق يلبي متطلبات القرار الأخير لمجلس الأمن (2285)، وتحديدا “استعادة المينورسو لقدراتها العملية كاملة”، وهي عبارة دبلوماسية صيغت بعناية، وواضح أنها لم تنص على ما حاول مناصرو البوليساريو في مجلس الأمن الحصول عليه، ونقصد “التنصيص على ضرورة العودة الفورية لأعضاء المينورسو الأربعة والثمانين المبعدين”، وهو الأمر الذي أدى بهم إلى معارضة القرار (فنزويلا وأورغواي) أو التحفظ عليه (أنغولا)، إذ أن الفارق واضح بين استعادة الموظفين واستعادة الوظيفة.
وأكد لادوس أن مسؤولي الأمم المتحدة قد دخلوا في محادثات جدية “بعيدة المدى”، تهدف إلى ضمان عودة البعثة الأممية إلى فعاليتها الكاملة، بعد أن تم الاتفاق مع المغرب “من حيث المبدأ” على هذا الأمر. وفي هذا السياق، جاءت الأنباء التي تتحدث عن استعداد المغرب لإعادة 25 عنصرا مدنيا بشكل عاجل، وذلك من خلال مذكرة سرية تم تسريب بعض محتوياتها، قامت إدارة عمليات حفظ السلام الأممية بتوجيهها لأعضاء مجلس الأمن، وذلك في الثاني والعشرين من الشهر الماضي. وتضيف المذكرة، أن هذا الاستعداد المغربي، يقوي الأمل بوجود استعداد لدى المغرب “لإعادة أعداد أخرى”، وبالتالي العودة التدريجية لاستئناف عمليات الدعم والإدارة التي ستفيد فريق نزع الألغام في استئناف مهامه، مع الأمل باستمرار الأجواء الإيجابية بين الطرفين بطريقة توصلهما إلى قناعة مشتركة بأن متطلبات القرار الأممي قد تمت تلبيتها، بما يراعي سيادة المغرب، ويحفظ هيبة الأمم المتحدة، وفعالية عمليات حفظ السلام الأممية.
ومن شأن نزع فتيل هذه الأزمة المتعلقة ببعثة المينورسو أن يقطع الطريق على من يحاولون وضع المغرب في مواجهة مع مجلس الأمن برمته، بعد أن كان واضحا أن الرفض المغربي مقتصر على تصريحات وسلوكات الأمين العام للأمم المتحدة تحديدا. ويملك مجلس الأمن، خيار منح المغرب وإدارة عمليات حفظ السلام الأممية مزيدا من الوقت، إذا تعذر للطرفين إنجاز مهمتهما خلال أجل الشهور الثلاثة المطروحة، بعد أن بدا واضحا أن مصير محاولة فرض أي حل أحادي على المغرب ستبوء بالفشل، بعد الموقف الصلب الذي أبداه داعموه داخل المجلس (فرنسا، مصر، السنغال، وإسبانيا بالأساس)، والتفهم الذي بدت أثاره واضحة من خلال الصياغة العامة للقرار الأممي التي تكفلت بها الولايات المتحدة.